كان كلام الشيخ بكر أبوزيد في رسالتيه «تصنيف الناس بين الظن واليقين» و«حكم الانتماء إلى الفرق والجماعات» فاصلاً في المسألة من الناحية الفقهية، إذ جلا رأيه فيها أيما جلاء، لكن طائفة من المتعاطفين مع «الجماعة» وسيد قطب سربوا نصيحة خاصة للشيخ بكر أبوزيد في الرد على ربيع بن هادي في شأن تحامل الأخير على سيد قطب في كتاب له سمّاه: «أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره»، فتجاهلوا الرسالتين اللتين أصدرهما أبوزيد ضمن مؤلفاته، وأذاعوا في الجامعات النصيحة الأخرى التي سموها «الذهبية»، وسربوها على أبواب المساجد والجامعات. يقول الشيخ أسامة العتيبي في شهادته على ذلك: «كنت معاصراً لهذه المشكلة، هذه الأوراق التي تسمى النصيحة الذهبية، كانت توزع عند بوابة الجامعة الإسلامية 1415 أو 1416، والشيخ ربيع استاء واتصل بالشيخ، كيف هذا؟ كيف تفعل؟ والشيخ بكر أبوزيد أرسل رسالة، بل اتصل على الشيخ حماد الأنصاري، رحمه الله، وقال له: «يا شيخ حماد، الشيخ ربيع يشيع عني كذا وكذا، وأني نشرت! والله ما نشرت، والله أنا ما نشرت ولا فعلت، وإنما سرق مني هذا الكلام»، وتابع العتيبي: «فنقول، الشيخ بكر أبوزيد بنفسه كان ينفي عن نفسه الأوراق أنه أذن بنشرها، وأنه لم يسمح لأحد، وهؤلاء يطيرون بها، والذي لم يسمح بالنشر دليل على أنه لا يرغب شرعياً، وربما يرى نفسه أنه أخطأ فيها، ويراجع نفسه». بيد أن الكلام الفاصل في مسألة «الانتماء إلى الفرق والأحزاب» أو «التصنيفات الحزبية» أو «مبايعة رئيس «الجماعة» مرقوم في مجموعة رسائله الصادرة عن دار ابن حزم في القاهرة، وفيه يقول: «البيعة في الإسلام واحدة من ذوي الشوكة: أهل الحل والعقد لولي أمر المسلمين وسلطانهم، وأن ما دون ذلك من البيعات الطرقية والحزبية في بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة كلها بيعات لا أصل لها في الشرع لا من كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا عمل صحابي ولا تابعي، فهي بيعات مبتدعة، وكل بدعة ضلالة وكل بيعة لا أصل لها في الشرع، فهي غير لازمة العهد، فلا حرج ولا إثم في تركها ونكثها، بل الإثم في عقدها، لأن التعبد بها أمر محدث لا أصل له، ناهيك عما يترتب عليها من تشقيق الأمة، وتفرقها شيعاً، وإثارة الفتن، فهي خارجة عن حد الشرع، سواء سميت بيعة أم عهداً أو عقداً». وعلى هذا تواردت كلمة محققي العلماء في بيعة الطرقية الموجودة في عصرهم، إذ قابلوها بالإنكار. وأقدم من هذا قصة مهمة لمطرف بن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه في إنكاره على زيد بن صوحان، كتاب معاهدة أعده مع آخرين، كما ساقها أبونعيم في الحلية. غير أن الشيخ بكر أبوزيد له موقف آخر موازٍ من أولئك الذين يرفعون راية التجريح والتعديل والبدعة للنيل من العلماء والمشايخ الذين لم يثبت عليهم تصنيف ولا تحزب، ويعدهم صنفاً متحزباً، وصنفاً منشقاً، ويسميهم «المنشقين الجراحين»، وفي ذلك يقول: «وإن سألت عن الموقف الشرعي من انشقاق هؤلاء بظاهرة التجريح، فأقول: احذر هذا الانشقاق، لا تقع في مثله مع «المنشقين الجراحين» المبذرين للوقت والجهد والنشاط في قيل وقال، وكثرة السؤال عن «تصنيف العباد»، وذلك في ما انشقوا فيه، فهو ذنب تلبسوا به، وبلوى وقعوا فيها، وادع لهم بالعافية». يذكر أن الشيخ بكر أبوزيد كان من علماء السعودية المشاهير، وشغل منصب رئيس مجمع الفقه الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إلى أن توفي في الرياض 2008.