يكاد معنى اسم المغنية والإعلامية الكردية كليستان أن يختزل طبيعة شخصيتها وخبرتها سواء في مجال الفن والغناء، أو في حقل الإعلام. «موطن الورود» هو المعنى الحرفي للاسم الذي يعني، بالطبع، حديقة أو روضة، وصاحبة الاسم استطاعت أن تجسد معنى اسمها سواء في الغناء، إذ غنت للحب والوطن والحرية والجمال، أو على الصعيد الإعلامي حينما ظهرت قبل سنوات في محطات كردية تبث من أوروبا مثل «ميديا تي في»، و «روج تي في» إلى أن وصلت، أخيراً، إلى قناة (روداو - الحدث) المستقلة، التي شرعت في البث قبل أشهر من كردستان العراق. وإذ يندر أن يتفق الأكراد «العنيدون» حول حزب أو زعيم أو فنان، فإن كليستان تمكنت من خرق هذه القاعدة واحتلت قلوب الفرقاء الأكراد بصوتها الشجي أولاً، ثم بحضورها الإعلامي البهي ثانياً. في برنامجها الأسبوعي الجديد الذي يحمل اسمها، كما هو شأن معظم البرامج التي تطغى فيها رمزية المذيع على أي عنصر آخر، تقود كليستان مشاهديها إلى حدائق غناء تتنوع تحت ظلالها المواضيع والقضايا المطروحة، فهي تستضيف في كل حلقة شخصية كردية معروفة في مجالها الفني أو الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي أو الأدبي... تصطحب ضيفها إلى البدايات وتحض ذاكرته على استعادة محطات وأحداث، وتحاول ترتيب أوراق العمر عبر أسئلة واستفسارات، لترسم في النهاية صورة متكاملة عن مكانته وعن الدور الذي لعبه في مجال اختصاصه. تصف كليستان الاستوديو الذي تقدم فيه برنامجها ب «البيت الصغير الذي يتسع لكل كردي من مختلف التوجهات والمشارب والمرجعيات»، وهي تعمل على ترجمة هذه الفكرة من دون أي ادعاء إن كان في الشكل أو المضامين. من ذلك الاستوديو المصمم على شكل صالون منزلي بسيط وهادئ، تطل كليستان بأزيائها الكردية الملونة، وبنبرتها العفوية الصادقة، لتصغي جيداً إلى ما يقوله ضيفها، بيد أنها لا تغفل، كذلك، عن إشاعة شيء من عبق روحها في فضاء المكان، والحال أن ذلك لا يتطلب منها أي جهد، فوجهها من النوع الذي يوصف ب «فوتوجنيك» تعشقه الكاميرا، والابتسامة لا تفارق محياها، كما أن حديثها العفوي المسترسل يحول البرنامج إلى ساعة من المتعة والمعرفة. ثمة برامج تلفزيونية تراهن في نجاحها على حضور المقدم فحسب، ولعل برنامج كليستان هو من هذا النوع، فما إن تظهر أمام الكاميرا حتى تتوافر كل عوامل النجاح، ناهيك عن ان كليستان تمتلك خبرة واسعة في الشأن الكردي، وهي تقدم نموذجاً طموحاً للمرأة الكردية التي عانت كثيراً كشقيقاتها في هذا الشرق البائس، وها هي تقدم، الآن، دروساً «لطيفة» في معنى الحياة، بعيداً من نزق السياسي ونرجسية المثقف، وقريباً من الإيقاع اليومي المألوف، تماماً كما لو أنك تجتاز طبيعة كردستان الجميلة من هولير إلى قامشلو وآمد ومهاباد... وتشم عبير الزهور حيثما التفت!