«إحساسك، وأنتِ تغنين، يجب أن يُدَرَّس». بهذه الجملة المشجعة خاطبت المطربة الإماراتية أحلام المتسابقة الكردية في برنامج «آراب آيدول» برواس حسين التي لم تفهم، تماماً، معنى الكلام العربي، فردّت بابتسامتها الرقيقة. لكنّ أحلام، العضو في لجنة تحكيم البرنامج الذي يعرض على شاشة «إم بي سي»، لم تشأ أن تبقى في إطار الأغنية والفن، إذ أثارت بعداً سياسياً حسّاساً حينما أصرت على ان برواس آتية من العراق، وليس من كردستان، كما تحب المتسابقة أن تقدم نفسها. بعد هذا الإعلان السياسي، لم يفلح كلام الفنان اللبناني راغب علامة، الذي أصر على ان برواس من كردستان، في منع معركة سياسية محتدمة تخطت حدود البرنامج لتشعل صفحات المواقع الإلكترونية، والمنابر الإعلامية. شن الأكراد والمتعاطفون مع قضيتهم، هجوماً عنيفاً على المطربة الإماراتية، واعتبروا تصريحها «عنصرياً، وفي غير محله»، خصوصاً ان البرنامج، الذي يحظى بشعبية واسعة في العالم العربي، ويعتمد على تصويت الجمهور في اختيار المواهب الغنائية المشاركة، بعيد من السياسة، بل ان برواس، التي تتمتع بصوت عذب، وحضور آسر لا يفكر معه المرء بهويتها، صرحت لإحدى الصحف: «لا تعنيني الجغرافيا ولا السياسة، فالفن هو اختصاصي». لم يهدأ ضجيج هذه المعركة الى أن اعتذرت أحلام، وهي كانت من الشجاعة والتسامح بحيث أوضحت، علناً، موقفها الايجابي من الأكراد، مؤكدة انها لم تقصد ان تلغي وجودهم ولا حتى المساس بهم، واختتمت رسالة الاعتذار قائلة: «من فسّر كلامي عن كردستان بأنه إساءة، فقد ظلمني لأنني لم أقصد الإساءة بتاتاً». ما يمكن استخلاصه من هذا الدرس الفضائي هو ان السياسة تفسد كل شيء، فالمتسابقة الكردية برواس (واسمها يعني «الطيران») أحبت ان تشارك في برنامج يحمل اسماً عربياً ويعرض على فضائية عربية، من دون ان تنهمك في أي حسابات أخرى، لا سيما أنها تعشق الغناء العربي على رغم عدم إتقانها العربية، فهي تسجل كلمات الأغنية بلغتها الأم، ثم تتعلم نطقها. وعلى هذا النحو غنّت لمطربين كبار، فنالت رضا لجنة التحكيم، كما ألهبت القاعة بالتصفيق حين غنت «قدك المياس» بكلمات كردية، واستطاعت أن تصل الى مراحل متقدمة. اللافت، ان هذا الجدل السياسي لم يؤثر في أجواء البرنامج في الحلقات اللاحقة، فالمطربة الإماراتية ظلت وفية لرهافة الأغنية اكثر من أي شيء آخر، وبدت متحمسة لأداء المتسابقة الكردية وصوتها، على رغم ما قرأته من كلام جارح بسبب تصريحها. كما أن برواس ترجمت، بأدائها المحبب، معنى اسمها، إذ استأنفت التحليق والطيران في فضاء الاستوديو الأزرق وهي تشدو بأغنيات أفلحت في محو الحدود والهويات، بينما استمر الجمهور في التصويت لها كدلالة على ان البرنامج يمثل فسحة للجمال والفن فحسب، وأن أي محاولة لحرفه عن هذا المسار لن تنجح.