عشرات من موظفي قناة «روج تي في» وحشد من الاكراد اعتصموا امس في الطريق المؤديّة الى استوديوات القناة الكردية، بعدما اقتحمها اول من امس، وبأمر من المدّعي العام في العاصمة البلجيكيَّة بروكسيل، أكثر من 300 عنصر من قسم مكافحة الارهاب، بهدف وقف بثها. وحين رفض الموظفون ذلك، قطعوا البثّ بالقوة، وحطموا «الميكسرات»، وسواها من المعدّات وأجهزة الكومبيوتر، كما نقل موظفون من داخل المحطة. كما أصيب أحد الصحافيين (ديار روجهلاتي) بجراح، نتيجة الضرب الذي تعرض له من رجال الأمن البلجيكي. واعتُقل أربعة صحافيين، وبعض ضيوف البرامج التي كان من المفترض أن تبثّ في شكل حيّ في ذلك اليوم. لكن قناة «روج تي في» لم يخمد صوتها، إذ راحت تبث من مكان مجهول موادّ مسجّلة ولقاءات وحوارات مرفقة بمشاهد الكسر والتحطيم والهجوم عليها، وكأنَّها كانت تتحسّب لطارئ كهذا، ربما عبر الاستعانة بعربة نقل خارجي. واللافت تجاهل غالبية الفضائيَّات العربيَّة، بخاصّة الإخباريّة منها، هذا الحدث الذي تعرَّضت له إحدى زميلاتها. ووجه الغرابة والدهشة، أيضاً وأيضاً، يكمن في صمت فضائيات كردستان العراق عن الأمر، وكأنَّ شيئاً لم يحدث. إذ لم تتناوله، ولو بخبر عابر، باستثناء فضائيّة «نوروز تي في» التي تبثّ برامجها من السويد. فهي وحدها كرّست كل برامجها لتغطية هذا الحدث. و «نوروز تي في»، هي أيضاً مقرّبة من «روج تي في». بعض العاملين في قناة «روج»، ومنهم الصحافي آمد دجلة، ذكر أن بعض المقنّعين كانوا يتحدّثون التركيّة، في إشارة إلى أن جنوداً أتراكاً كانوا، ضمن المقتحمين. وفور سماع الخبر، تجمهر مئات الاكراد بالقرب من الاستوديوات، وشاركوا في اعتصام إعلامييها وموظّفيها. وكانت «روج تي في»، اشعلت شمعتها السابعة مطلع الشهر، من دون أن تعرف أنّها ستكون عرضة لهذا الاقتحام. وربط بعض المراقبين بين هجوم البوليس البلجيكي على القناة وعلى مبنى المؤتمر الوطني الكردستاني، ومكتب حزب السلام الديموقراطي (حزب قانوني كردي تركي، له كتلة نيابيّة في البرلمان التركي) ومقار جمعيّات أخرى كرديّة، واعتقال سياسيين وناشطين أكراد. مسؤول القسم العربي في فضائيّة «روج»، بنياد جزيري، قال ل «الحياة»: «قناتنا كانت تشكلّ ذعراً ورعباً، لعدد من الأنظمة في الشرق الاوسط، وبعضها كان يعتقل مثقفين وحقوقيين، على خلفيّة مشاركتهم في برامجنا هاتفيّاً. وبديهي أن تتكالب علينا المصالح وأحقاد الانظمة التي تقمع الكلمة والصوت الكرديّ. الهجمات التي نتعرّض لها، تثبت أننا على صواب، وتسجّل لنا، وليس علينا. وكما يقول الشاعر الروسي بوكشين: الضربات القويّة تهشّم الزجاج، لكنّها تصقّل الحديد». وحول الإعلام الكردي بين المبادئ والمصالح الأوروبيّة، قال جزيري بتهكّم: «في أوروبا، حين تحضر المصالح، تغور المبادئ والأخلاقيّات والقيم التي تتحدّث عنها أوروبا، في «ستين داهية»، كما يقول الأشقاء المصريون». أمّا الإعلامي ديار قامشلو فقال: «إنّ ما جرى، هو في إطار مخطط يستهدف النضال الكرديّ، إعلاميّاً وسياسيّاً. ويكشف مدى تورّط الاتحاد الأوروبي، ودول العالم المتحضّر في معاناة الأكراد. أنّهم يدفعون الاكراد نحو التطرّف، بحجّة مكافحة التطرّف والارهاب». وأضاف: «إن ما حصل اليوم، مؤشّر خطير الى ما سيحصل في الأيّام المقبلة. ولكن، لو كان اليأس وقودنا، لما تكالبت علينا كلّ قوى الشرّ. هذا ليس إنشاء من طينة الشعر، بل حقيقة، آن للغرب والأتراك أن يفهموها». وكانت إدارة القناة الكرديّة، أصدرت بياناً، اعتبر الهجوم على استوديواتها هجموماً على الصحافة الحرّة، وعلى حق الشعب الكردي، وكل شعوب كردستان في التعبير عن ذاتها بلغاتها الأمّ. ولفت البيان الانتباه الى ان السلطات البلجيكيّة، كانت داهمت المكان ذاته عام 1996، حين كانت قناة «ميد تي في» موجودة. واتضح، بحسب البيان، ان المعلومات التي قدمتها تركيا لبلجيكا، كانت غير صحيحة. وجاء فيه أيضاً: «الآن، بالتهمة ذاتها، يكررون الخطأ ذاته، وبالأسلوب ذاته. يريدون إبقاء الشعب الكردي، من دون إعلام حرّ ومن دون ساسة، وضحيّة حساباتهم القذرة. إسكات «روج»، يعني معاضدة العنصريّة والحرب التركيّة على الأكراد». وناشد البيان السلطة البلجيكيّة التوقّف عن هذه الممارسات التي اعتبرها «وصمة عار في جبين الديموقراطيّة والقانون والمبادئ الأوروبيّة». كما ناشد كل المؤسسات الدوليّة والأوروبيّة، بخاصّة منها الإعلاميّة، بالوقوف إلى جانب «روج تي في». ومعلوم أن الأخيرة، تبثّ برامجها السياسيّة والإخباريّة والثقافيّة والفنيّة والاجتماعيّة، باللغات السريانيَّة والعربيَّة والتركيَّة والفارسيّة والكرديَّة، بلهجاتها الأربع: الكورمناجي والصوراني والزاكاكي والهورماني.