كان العثور علي مكان في صالة الأنشطة الثقافية بمهرجان «الدوخلة» بالقطيف مساء السبت الماضي أمراً صعباً، إذ اكتظت الصالة بالحضور ما يجعلك تتساءل: هل عشق الشعر أم شهرة الشعراء ما جمع كل هؤلاء من الجنسين؟ الإجابة ربما تتجسد حين تعرف أن شاعري الأمسية تحمل سيرتهما الذاتية مساحة كبيرة من التألق والحضور المحلي والعربي، ومدير الأمسية شاعر له تاريخه الشعري وحسه الساخر الذي يضفي على الفاعليات التي يشارك فيها البهجة ويكسر حاجز رهبة التلقي. «تمنيت أن أصغي ولا أتكلم ولكن للتقديم ضرورة»، بهذه الجملة افتتح مدير الأمسية الشاعر حسن السبع تقديمه، مشيراً إلي شطر من قصيدة للمنصف الزغني يقول فيها: «فبعض الأكف تصفق كف/وبعض الأيادي تلوح أف»، مبيناً أن الليلة لن تشهد تلك الأكف فشاعرا الأمسية لهما تاريخهما الشعري وحضورهما علي الساحة الشعرية المحلية والعربية والعالمية، فالشاعر قاسم حداد القادم من البحرين «ولد معي في عام النكبة ولكني تفوقت عليه وتزوجت في عام النكسة» - وهو شاعر له أكثر من 24 ديواناً شعرياً، ترجمت إشعاره إلي العديد من اللغات وأسس مجلة «كلمات» وموقع «جهة الشعر» -. وقدم السبع سيرة مختصرة لحداد ثم انتقل إلى تقديم فارس الأمسية الثاني قائلاً: «لست منسجماً ولا مهيأ للانسجام فالشاعر محمد جبر الحربي خرج عن السير المألوف فكانت اللغة مغامرة وكانت متقنة في الرسم». وبيّن أن الحربي شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الشعرية وله العديد من الدواوين الشعرية، وحصل علي جائزة وزارة الثقافة لأفضل كتاب هذا العام. قاسم حداد الذي أبدي سعادته بالأمسية والحضور ألقي العديد من القصائد الطويلة والقصيرة، بدأها بقصيدة «خطاطون» التي يقول في مطلعها: «يتناوب تسعة خطاطون علي جسدي.. بالقصب الطازج والآيات وحبر الجنة». وينتقل إلي «مجنون ليلي» فيقول: «قل هو الحب/ هواء سيد/ وزجاج يفضح الروح/ وترتيل يمام/ قل هو الحب/ ولا تصغي لغير القلب/ لا تأخذك الغفلة/ لا ينتابك الخوف علي ماء الكلام». وتمضي القصيدة بالقول عن الحب ليختتمها قائلاً: «قل هو الحب يراك». من الحب إلي «الحديد» يأخذنا قاسم حداد متسائلاً: «هل أن الحديد الوحيد/ يذوب علي جرحنا/ وهل أننا سوف نبقي علي هامش النص/ والوحش ينهش في تفسيرنا؟». من «الحديد» إلي «الوقت» وإلى «الضحك قليلاً» ثم إلي قصيدته «أصدقاء» التي ختم بها جولته والتي يقول فيها: «أميز/ أن الذي غاب عني صديق/ والذي مات عني صديق/ والذي باعني في الصباح صديق/ والذي ظنني في العدو صديق/ والذي ضمني في العيون صديق/ والذي سيفه فوق حبي صديق/ والذي جهز لي كفناً ذات ليل صديق». بمدخل وفاء إلي رفيقة العمر ابتدأ الشاعر محمد الحربي جولته قائلاً:«طلعت خديجة من تفاصيل الهواء فأشرقت/ ونمت علي يدها القرى». بعدها أهدي قصيدته الأولي إلي «قاسم حداد»: «يا قاسم/ يا قاسم/ يا قاسم/ يا من آمن بالحب/ وعلمنا الحب/ ووزعه/ أعطي للشوكة منديلاً/ وحني للوردة رأساً/ لم تخضعه الأيام». ومن قاسم إلي «الحب» يقول الحربي: الصبح أشرق باليدين وبالجبين/ والقلب أورق بالنشيد وبالحنين/ والروح من نوح الأساري/ كم تئن وكم تلين». بعد ذلك ألقي الحربي قصيدة «أنا أول العاشقين وآخرهم» ثم «الفارس المطعون» التي يقول في مطلعها: «لا تحزني يا حرة عربية ملكت زمام منيتي/ فلقد ذكرتك والرماح نواهل/ مني وبيض الهند تقطر من دمي/ فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت ولم/ يحضر أحد». بعد ذلك ألقي الحربي مجموعة من القصائد منها «خديجة»، و«شجر الذكريات» التي يقول فيها: «حزين أنا/ كلما اخترت عاصمة للحنين اغتربت/ وتلك القريبة مني/ الحبيبة/ تلك التي في اليمين يميني/ استطابت يساراً/ ومن شرفة العاشقين رمتني/وقالت لديك الجهات». وتختتم الأمسية التي قاربت الساعتين بقصيدة لحداد «مسامير السفينة» وقصيدة للحربي «أحبك مفردة واحدة» وبعدها يوقع قاسم حداد ديوان «سماء عليلة» والحربي ديوان «جرف الحنايا».