ليست مشاهدة رعاة البقر في جنوب أميركا أو أستراليا أو الدنمارك، بل في «جازان» جنوب السعودية يمكنك مشاهدة المسنين يمارسون رعي الأبقار على امتداد المراعي الخضراء المتوافرة في المناطق الجبلية، إضافة إلى وجود مساحات شاسعة من السهول الجاذبة للرعاة. ويتجه عدد من كبار السن في ساعات الصباح الباكر بقطعانهم إلى المواقع التي تتوافر فيها أعشاب غنية بالفيتامينات والبروتينات لتسرح ماشيتهم وتأكل، وهم يستظلون أشجار «الصبر» و«السدر» يتذاكرون أسلافهم ويروون حكايات عن صعوبات العيش في الماضي. وتوضح المسنة الثمانينية حليمة أنها تفيق مع الفجر للصلاة وتجهيز الإفطار المكون من البُر أو الدقيق أو لبن البقر والتمر، وبعدها تسرح بالأبقار في المراعي برفقة زوجها، مشيرةً إلى أن الأمطار والأعلاف العام الحالي متوفرة إلا أنها وزوجها حريصان على صحة الأبقار وعدم تقييد حريتها حتى تسمن وتنتج حليباً أكثر. وتقول حليمة إنها تلتقي صديقات طفولتها اللاتي تربين معها في قرية تقع بين محافظتي الخوبة والعارضة إلا أن شدة السيول في الأعوام الماضية أجبرتهم على الابتعاد عن السكن بمحاذاة الأودية التي جرفت عدداً من أبقارهم وأغناهم. وقالت حين نلتقي نقوم بجمع الحطب ونصنع القهوة ونتبادل الحديث إلى أن ينتصف النهار وتجمع كل منا أبقارها للعودة إلى المنزل لتجهيز الغداء والعودة قبل العصر لترعى الأبقار إلى المغرب ثم ندخل أبقارنا الحظيرة. وعن ترك مهنة الرعي قالت إن «هذا الأمر مستبعد فأبنائي وبناتي حاولوا إقناعي بالعيش معهم خارج المنطقة فرفضت لأننا نحب أرضنا ودوابنا ولا نتخيل كيف سنعيش بعيداً عنها». من جهته، أشار الثمانيني أحمد الكعبي إلى أنه يمتلك 83 رأساً من البقر، وكان يسكن في قرية القرقاعي الحدودية وبعد النزوح حرص أن يكون قريباً من مناطق الرعي، إذ يسكن الآن قريباً من قرية المقطابة التي تتوفر فيها المراعي بسهولة، لافتاً إلى أن الأعلاف المحببة لدى الأبقار هي «النجمة والرقم والأيبد والسحمة والأفليق والبجيرا وعشبة الحلاوة». وبيّن الكعبي أن الأبقار هي مصدر رزقه الوحيد، إذ يقوم على الاستفادة من سمنها ولبنها، كما أن بيع السمن يكفي لتأمين متطلبات المنزل كون أسعار قارورة السمن تراوح بين 60 و100 ريال، مشيراً إلى أن التهديد الذي يواجهه حين رعي أبقاره وجود الثعابين. وأفاد مربي أبقار في العارضة محمد موسى بأنه يربي الأبقار للاستفادة من الثيران والعجول وتسمينها لغرض بيعها في مواسم الحج إلا أنه لا يخفي المتاعب التي يواجهها في الرعي، خصوصاً في المواسم التي تقل فيها الأمطار.