يخشى خبراء اقتصاديون في سويسرا خصوصاً وأوروبا عموماً من القوانين الجديدة التي تسنّها بعض أسواق الدول الناشئة، وعلى رأسها روسيا. وقد تصطدم الدول الصناعية قريباً بجدران سياسية - اقتصادية معروفة باسم «الحمائية». ولا يدري هؤلاء الخبراء متى ستتخلى أسواق الدول الناشئة، التي تعاني الآن ثورات اجتماعية متعاظمة، عن الغرب والأسواق الحرة ونظرية «العولمة». ونظراً إلى التباطؤ الاقتصادي، الذي ما زال مفعوله سارياً على عدد من الدول، تُعتبر هذه الحمائية العدو الأول للنمو الاقتصادي العالمي وتطوير السياسات الاجتماعية الدولية المواتية. يذكر أن الاقتصادين الأوروبي والسويسري يعتمدان خصوصاً على الصادرات للتعويض عن الطلب الاستهلاكي الداخلي الضعيف. ويوجد حالياً 31 حليفة تجارية لأوروبا وسويسرا، على رأسها الأرجنتين والبرازيل والهند وإندونيسيا وروسيا والصين وجنوب أفريقيا. وفي حال واصل هؤلاء تطبيق إجراءات تجارية من شأنها تقويض حركة الواردات، فقد يشكل ذلك كارثة مالية للقارة العجوز لا علاقة للمصارف أو للقروض العقارية بها. وفي موازاة الدول التي تسعى إلى حماية سلعها المحلية، ثمة دول أخرى تسعى إلى تحرير حركة التبادل التجاري مع أوروبا وسويسرا، مثل كولومبيا وتشيلي والبيرو والمكسيك. ومن غير المستبعد أن توافق الدول الغربية على مجاراة الدول الناشئة بأي ثمن، تفادياً لأزمة مماثلة للتي حصلت عام 1929، حين تراجعت حركة التبادل التجاري مع الخارج وتراجع العجز المالي للقارة العجوز. وفي السنوات الخمس الماضية، وضعت الأرجنتين نحو 147 قانوناً تجارياً يحد من حركة الواردات الأوروبية والسويسرية، تليها روسيا ب 99 قانوناً، ثم اندونيسيا ب 73 قانوناً، فالبرازيل ب 59 قانوناً. وعند الحديث عن مبدأ الحمائية، يجب النظر إلى زيادة الضرائب الجمركية على السلع المستوردة. فمثلاً، فرضت الحكومة البرازيلية زيادة ضريبية جمركية على نحو 100 قطاع أوروبي وسويسري يصدّر منتجاته إليها، بينما منعت حكومة جاكارتا بتاتاً استيراد المنتجات الغذائية الأوروبية والسويسرية غير الضرورية. ورأى خبراء سويسريون أن الضرائب الجمركية للدول الناشئة ستزداد سنوياً بفضل قوانين تجارية ستقرها كل دولة ناشئة على حدة، ما لا يترك مجالاً أمام أوروبا وسويسرا إلا مواجهة طريقة الحمائية الآسيوية بأخرى غربية الطابع. ويكفي النظر إلى مبيعات الألواح الشمسية الصينية التي تصطدم بجدران ضريبية أوروبية وسويسرية حتى ولو كان أصحاب الشركات المصدرة الصينية من جنسيات أوروبية. ولا يُعرف بعد من سيكون الرابح والخاسر من حروب «الحمائية» التي بدأت تحتدم. ويبقى مصير حركة الصادرات الأوروبية والسويسرية إلى الدول الناشئة، التي تفوق 120 بليون يورو سنوياً، مجهولاً في حال قررت الدول الناشئة نسف اتفاقاتها التجارية الدولية من أساسها.