تخضع جغرافيا أسواق التجزئة العالمية لتغيرات مهمة تلفت انتباه المستثمرين، وعلى رغم الأزمة المالية التي تعصف اليوم بكثير من الدول، تحاول أسواق التجزئة السيطرة على مخاوفها نظراً إلى أوضاع النمو الاقتصادي المتعثرة في الغرب. ولاحظ خبراء تبايناً بين السياسة الأميركية من جهة والأوروبية والسويسرية من جهة أخرى، خصوصاً في ما خص الطرق التي تسلكها مبيعات التجزئة، فالأميركية تستهدف بريطانيا أساساً، والأوروبية والسويسرية تستهدف في معظمها الشرق الأوسط ودول ناشئة، مثل البرازيل وروسيا والهند، إضافة إلى كازاخستان أخيراً. وأشار خبراء تسويق سويسريون إلى ان أسواق التجزئة العالمية مقسومة إلى أربعة أقسام حالياً. يتألف القسم الأول من أسواق أوروبا الغربية التي تواصل فرض نفوذها على تحركات بائعي التجزئة العمالقة، الذين يبحثون عن موانئ آمنة لأموالهم، ويضم الثاني أسواق الشرق الأوسط، وعلى رأسها أسواق السعودية والإمارات والكويت، حيث تعتبر الموانئ آمنة، والقوة الشرائية جيدة للمستثمرين، وأسعار النفط عالية. ويشمل القسم الثالث الدول النامية الواعدة، باستثناء الصين، مثل فيتنام والهند التي تدرس حالياً قرار السماح للمستثمرين الأجانب دخول السوق، في حين يتشكّل القسم الرابع من أسواق أوروبا الشرقية، مثل تركيا وروسيا وأوكرانيا. وعززت شركات مبيعات التجزئة أعمالها العام الماضي في العالم، محققة انتعاشاً في عائداتها بمعدل اثنين في المئة تقريباً، بينما تحتضن القارة الأوروبية نحو 48 في المئة من شركات مبيعات التجزئة الحديثة التأسيس، حيث قرّر المديرون التوسع لكسب المستهلكين الأوروبيين والسويسريين، في حين تحتضن الشرق الأوسط وأفريقيا 22 في المئة من هذه شركات، تليها آسيا بما نسبته 14 في المئة. ولفت محللون سويسريون إلى ان مدينة الماآتا في كازاخستان، تجذب انتباه رجال أعمال سويسريين، فهي تستضيف 18 مركزاً لمبيعات التجزئة، تتمحور نشاطاتها حول تطوير البنية التحتية للبلاد وتوسيع المساحات التجارية والتحضير لاستقبال علامات تجارية عالمية. ولم تكن كازاخستان، حتى نهاية عام 2010، ذات أهمية لشركات مبيعات التجزئة الأجنبية والسويسرية، بسبب مشكلات لوجستية كثيرة، وعدد السكان القليل مقارنة بمساحتها الكبيرة، إضافة إلى قلة المساحات المتوافرة لممارسة تجارة مربحة. ويبدو ان الأزمة المالية حضت بعض المستثمرين العمالقة على دخول سوق كازاخستان، وتمكنوا من تحقيق أهدافهم وإقناع مستثمرين جدد بخوض مخططاتهم التجارية هناك. وتنظر سويسرا حالياً إلى ثلاثة بارومترات، ستكون مرجعاً مقنعاً لأي شركة سويسرية ستقرّر الدخول إلى كازاخستان، هي نمو معدل الدخل السنوي، وتعزيز البنية التحتية، والوحدة الجمركية التي تجمع كازاخستان بروسيا وبيلاروسيا تحت سقف تجاري استراتيجي واحد.