أثارت أنباء عن تسجيل أول حالة وفاة بتعاطي «المخدرات الرقمية» في المملكة، جدلاً واسعاً. فيما تضاربت تصريحات أربع جهات رسمية، ثلاث منها تحت سقف وزارة الصحة. فيما لم تستطع الوزارة تأكيد المعلومة أو نفيها، بحجة «كثرة المستشفيات». وأكد مجمع الأمل للصحة النفسية، المتخصص في علاج الإدمان، عدم جاهزيّته لعلاج مثل هذه الحالات. فيما اكتفت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ب «تهوين» الأمر، لافتة إلى إمكان استخدام «المخدرات الرقمية» لعلاج الاكتئاب. أما وحدة الطب النفسي في مستشفى الملك فهد بجدة، فأوضحت أنه «لا يمكن معرفة سبب الوفاة، إن كان من إدمان هذه المخدرات، أم من الأعراض المصاحبة له». وتناقلت مواقع تواصل اجتماعي، خبراً عن تسجيل أول حالة وفاة جراء تعاطي المخدرات الرقمية في المملكة، على رغم رفعها مستوى التأهب منذ الأسبوع الماضي، للحدّ من وصول هذه المخدرات إلى المجتمع عبر الإنترنت. إلا أن وزارة الصحة أقرت بعجزها عن إمكان الوصول إلى معلومة من هذا النوع في وقتٍ قياسي. ورفضت الوزارة الاستعجال في تأكيد الخبر من عدمه، عازية السبب إلى «كثرة المستشفيات والمراكز الصحية في المملكة». وقال المتحدث الرسمي للوزارة الدكتور خالد مرغلاني ل «الحياة»: «إنه ليس من السهل الإبلاغ عن حالة الوفاة»، مشيراً إلى وجود 20 منطقة صحية، فيها 284 مستشفى، ومراكز صحية. بدورها، أوضحت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أن هذه التقنية (المخدرات الرقمية)، «كانت تستخدم في نطاق ضيّق للمساعدة في علاج حالات الاكتئاب بالولايات المتحدة الأميركية وغيرها منذ 1970، على أن يكون بإشراف طبي نفسي». وذكر مستشار الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الاستشاري النفسي الدكتور نزار الصالح ل «الحياة»، أن «المؤثرات الصوتية الرقمية تعتبر من التقنيات القديمة الجديدة التي تعتمد على إصدار ذبذبات صوتية، لكلتا الأذنين، بترددات مختلفة، بهدف التأثير على المستمع ومساعدته في الاسترخاء، واستخدام سماعات خاصة للأذنين». ولفت الصالح إلى أن الجديد في الأمر، هو «الجزم بتأثيرات هذه المخدرات الرقمية التخديرية المشابه لتأثير المخدرات والإدمان عليها»، موضحاً أن «الخلاف يأتي من هذه الناحية»، مطالباً بإجراء «دراسات علمية متخصصة تؤكد أو تنفي ذلك». وأردف: «أعتقد أنه يجب التأكيد على أهمية تجنب سماع تلك المثيرات الصوتية وعدم المجازفة»، مؤكداً ضرورة «ترك ما يريبنا إلى ما لا يريبنا، وأن نحافظ على أنفسنا من هذه المؤثرات الصوتية الرقمية». فيما أقرّت الصحّة النفسية بعدم جاهزيّتها لاستقبال أية حالة إدمان من هذا النوع، إضافة إلى المباشرة في اتخاذ طرق وأساليب لعلاجها. وعزت السبب إلى «عدم ورود أية معلومة من أية جهة مختصة بهذا الشأن». وقال مدير مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام الدكتور محمد الزهراني ل«الحياة»: «لم نستقبل أية حالة». ولفت إلى أن الاستعدادات «غير موجودة حتى الآن»، موضحاً إلى أن ذلك يحتاج إلى «معلومات، وذلك لم يصلني شخصياً»، لافتاً إلى أنهم لم يبلّغوا عن تأثيرات هذا النوع على الدماغ وكيفية العلاج منه. وأوضح الزهراني أن المعلومة حول وجود مخدرات تسمى ب «المخدرات الرقمية» وردت منذ خمسة أعوام، مشيراً إلى أنه من خلال اطلاعه على أوراق علمية ومؤتمرات حضرها، لم ير ما يخصّ هذا الشأن. ولفت إلى أنهم لا يملكون أية فكرة في كيفية التعامل مع أية حالة إدمان، وإمكان تشخيصها لمعرفة إن كان ما تعاني منه الحالة إدمان مخدرات رقمية من عدمه. وذكر أن حالات الإدمان على المخدرات المعروفة «تتضح من خلال الفحص، والتشخيص والكشف على صاحب الحالة، إضافة إلى الاطلاع على ملفه الصحي، إضافة إلى التأكد من نوع المادة التي يتم تعاطيها». يُذكر أن المملكة الأسبوع الماضي رفعت مستوى التأهب، وأوعزت لثلاث جهات حكومية مهمة التصدي لما بات يعرف ب «المخدرات الرقمية»، التي سجلت انتشاراً في الآونة الأخيرة، ويتم تداولها في هيئة ملفات صوتية من طريق مواقع على شبكة الإنترنت. وتم تكليف كل من اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات، وهيئة الاتصالات بمنع وصول هذه «المخدرات» إلى المستخدمين في السعودية. استشارية: تحديد سبب وفاة «مدمن المخدرات الرقمية» غير ممكن! أوضحت رئيسة وحدة الطب النفسي في مستشفى الملك فهد بجدة الخبيرة الدولية للأمم المتحدة في علاج الإدمان الدكتورة منى الصراف، أن «الجزم بوفاة أية حالة تعرضت إلى الإدمان بنوع من أنواع المخدرات الرقمية صعب». ولفتت إلى أنه لا يمكن معرفة أسباب الوفاة إن كانت من الإدمان ذاته، أو من الأعراض التي صاحبت المدمن من تشنّجات أو صرع. وقالت الصراف ل «الحياة»: «إن الإعلان عن أية حالة وفاة أو إدمان هذا النوع (المخدرات الرقمية) يحتاج إلى مختصين، يمتلكون أساساً علمياً»، لافتة إلى عدم معرفتها بتسجيل أول حالة وفاة بالمخدرات الرقمية في السعودية»، لافتة إلى أن الخبر وردها «ولا أتّبع ما أسمعه من دون دليل علمي قاطع»، مشيرة إلى ضرورة محاربة هذه المشكلة بأحجامها كافة. وأشارت إلى أن ابتكار أدوية وعلاجات استخدام هذا النوع من المخدرات، يجب أن يسبقه الاتفاق، والإثبات في المراكز العلمية المتخصصة للأبحاث «على أنها تؤدي إلى الإدمان». وأوضحت أن الوفيات بسبب هذا النوع من الإدمان بالمخدرات يتم كشفه من طريق الطب الشرعي والتشريح. وذكرت أن اسم المخدرات الرقمية يعتبر خطأ، لافتة إلى أن الاسم الحقيقي لها هو «المؤثرات الرقمية»، وهي عبارة عن أصوات رقمية لها ترددات، وهذه الأصوات يتم عملها بطريقة تجعل الأذن اليمنى تسمع تردداً، والأذن الأخرى تسمع تردداً مختلفاً، ما يسبب خللاً في تناغم وظيفة الدماغ، وينتج منه قابلية للصرع والتشنجات.