«مراوح» طفل سوري لم يتجاوز ربيعه الثامن من العمر لبس إحرامه ليذهب مع والده المسن في رحلة الحج لهذا العام ليكون حاجاً ودليلاً لوالده، ظل يردد دعواته أن يعود الأمان إلى بلده كما يذكره قبل أن يغادره منذ ثلاثة أعوام مجبراً بعد مجازر وقمع النظام السوري، يذكر آلامه وأمنياته التي تحطمت مع آلة الحرب التي لم تفرق بينه وبين الحجر، ولم تضع له اعتباراً كحال كل أطفال سورية. يقف «مراوح» الطفل السوري من حلب أمام جبل عرفة بعد استماعه لخطبة مفتي المملكة عبدالعزيز آل الشيخ في مسجد نمره، التي لم يفهم منها سوى دعائه لبلاد المسلمين أن يعمها الأمن والأمان الذي افتقده في بلده (سورية)، كانت قصة رحيله من حلب مسقط رأسه والتي يذكر أنه غادرها مع بداية الثورة السورية في عامها الأول إلى لبنان، مغادراً مع أهله مؤلمة مرعبة، إذ لم تشفع له طفولته كي تدعه آلة الحرب الغاشمة، ولم يكن همها سوى القتل والتدمير لكل ما يمر أمامها طفلاً كان أو امرأة. وصل إلى المملكة التي احتضنته كابن لها كحال أطفال سورية ومدنييها، وصل إلى مكة، ثم مشعر (عرفات) مع والده الذي بلغ ال60 من عمره، ولم يعد يستطيع الكلام إذ يؤلمه قلبه ويتلعثم لسانه عندما يدعو لوطنه وأهله، ويذوب قلبه حسرة عندما يذكر أياماً قضاها في وطنه وهو الذي غادره مرغماً، ولا يستطيع المشي بسبب السكري الذي سرى في جسمه، وجعل ابنه «مراوح» دليلاً له في حجه هذا العام الطفل الذي لم يتجاوز عمره ثمانية أعوام ! والده ذكر بأنه تقدم لوزارة التربية والتعليم في المملكة بطلب استضافة ابنه الذي لم يكمل سوى «الروضة» لإكمال دراسته، لينظر ابنه إليه بعين المستغرب المفاجأ امتزجت بالفرح إذ سيدرس ويكمل تعليمه، وكانت هذه المعلومة التي خبأها لها والده حتى يهديها له كخبر سار بعد حجه، ولكن «الحياة» كشفته له! الطفل السوري الحاج تمنى أن لا يكمل هذا العام إلا برحيل مخربي بلاده، والذين قتلوا ودمروا منزله في (حلب)، وكذلك الذين استولوا على ما فيه، وصرخ بكلمة تردد صداها في جبل عرفات «سأعود لوطني رافعاً رأسي بعد نجاح ثورته، لأسهم مع أبناء جيلي في بناء وطن حر يصنع المجد والتاريخ لسورية والمسلمين والعرب».