انتقد وزير الاتصال السابق في الجزائر محمد السعيد مشروع تعديل الدستور الذي ينوي الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة تقديمه إلى البرلمان في غضون أيام. وقال السعيد الذي غادر حكومة الوزير الأول عبدالمالك سلال في التعديل الأخير، إن مشروع تعديل الدستور «سيتم في الوقت الضائع ومن دون جدوى سياسية». وتحدث الوزير السابق الذي يتزعم حزب «جبهة الحرية والعدالة» عن مشروع تعديل الدستور، فقال: «قلنا في 2008 إنه من الخطأ السياسي أن يتم تعديل الدستور قبل ستة أو خمسة أشهر من الانتخابات. الرئيس بو تفليقة يكرر الآن الوضع نفسه، عندما يقرر تعديل الدستور في شكل متأخر قبل خمسة أشهر من الانتخابات. لقد كان لديه متسع من الوقت لتعديل الدستور لكنه لم يفعل ذلك». وبدا أن محمد السعيد ما زال يحن لخطاب المعارضة الذي فارقه لمدة عام كامل تاريخ تعيينه وزيراً للاتصال (الإعلام) في حكومة سلال الأولى. وقد تحدث الوزير السابق مع صحافيين أمس وأعطى انطباعاً بأن خروجه من الحكومة كان بسبب عدم توافق في الرؤى مع التوجهات السياسية لرئيس الجمهورية. ومعلوم أن محمد السعيد شكّل مفاجأة عندما عُيّن في حكومة سلال بسبب قربه من أحمد طالب الإبراهيمي أحد المنافسين لبو تفليقة في رئاسيات 1999 (انسحب قبل موعد الانتخابات بساعات)، كما أنه أحد رجال الإبراهيمي المفضلين في «حزب الوفاء» الذي رفضت الحكومة اعتماده بحجة أن وعاءه تضمن وجوهاً بارزة في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. وتواصل المعارضة الجزائرية، في السياق ذاته، انتقاد مشروع تعديل الدستور في الفترة الراهنة. فقد دعا رئيس «حركة مجتمع السلم» عبدالرزاق مقري، أمس، إلى «فتح نقاش واسع وقوي حول الدستور والتعديلات المقترحة لإنجاز دستور دائم ومستقر للجزائر». كما دعا إلى تأجيل تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة «ليتمكن من تفرزهم تلك الانتخابات من المساهمة في التعديلات المطلوبة». ويُلاحظ توسع قائمة السياسيين الرافضين طرحَ تعديل دستوري قبل بضعة أشهر من الرئاسيات حتى في ظل وجود تراجع عن فكرة تمديد فترة حكم بو تفليقة وفق آلية التمديد عامين. ويبدو التوافق جلياً بين أحزاب إسلامية وعلمانية حول رفض تعديلات بو تفليقة على الدستور قبل موعد الرئاسيات التي يفترض أن تجرى في نيسان (أبريل) المقبل. فرئيس «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» محسن بلعباس يصف تعديل الدستور في الوقت الراهن وعرضه على برلمان «فاسد وغير شرعي» - وفق وجهة نظره - بمثابة «إهانة أخرى للشعب الجزائري». كما تسوّق «حركة النهضة» الإسلامية لطروحات في سياق شبيه، قياساً لشروط عدّدها الأمين العام فاتح ربيعي قائلاً إن «سيناريو تعديل الدستور قبل الرئاسيات سيزيد من الاحتقان الشعبي والفساد والنهب والاحتجاج والتذمر الشعبي وحينها تكون الجزائر متجهة إلى تحديات أخرى عواقبها خطيرة على السلم والاستقرار الوطني». وذكرت مصادر جزائرية أن التعديل الدستوري الذي ينوي بو تفليقة إحالته على البرلمان خلال أيام يتضمن إنشاء منصب نائب للرئيس في حين سيتم تقييد عدد الولايات الرئاسية بواحدة فقط قابلة للتجديد مرة واحدة.