أكد البيان الختامي ل«ندوة الحج الكبرى» التي اختتمت أعمالها أمس ضرورة «الاستجابة لخفض النسب والالتزام بأعداد الحجاج والمعتمرين، ما دامت هذه المشاريع قائمة تطبيقاً لفقه الأولويات»، مشيرين إلى أن «الحاجة لا تزال ملحة إلى تأصيل مفهوم الأولويات وبيان شروطه وضوابطه وأهميته في هذا العصر الذي تكاثرت فيه الواجبات وازدحمت فيه المسؤوليات، لنشر ثقافة فقه الأولويات بين المسلمين عامة، لتكون عوناً لهم على أداء عباداتهم وطاعاتهم بوعي وبصيرة وبأمان واطمئنان»، مضيفين: «لاحظت الندوة أن فقه الأولويات في الحج بخاصة ازدادت أهميته والحاجة إليه في الوقت الحاضر، نظراً إلى التزايد الكبير في عدد الحجاج واختلاف ثقافاتهم وتباين درجات وعيهم الديني والحضاري». ورأى المشاركون في الندوة أن تطبيق فقه الأولويات من أعظم ما يسهم في تنظيم أداء شعيرة الحج وتيسير إقامتها على أحسن الوجوه بما يحقق مقصد الشارع من تشريعها، كما أكدت الندوة على أهمية مراعاة فقه الأولويات عند الاجتهاد في مسائل الحج ولا سيما المعاصرة منها، وعلى ضرورة أن يكون الاجتهاد فيها موافقاً لقواعد الفقه وضوابطه المرعية، ومحققاً للمقصود الشرعي من هذه الشعيرة العظيمة حماية لأحكام الشريعة من العبث، ومنعاً من اتخاذ فقه الأولويات ذريعة للمساس بجوهر الدين وأركانه وأحكامه القطعية الثابتة. وأكدت الندوة أن «انضباط ميزان الأولويات في حياة المسلمين في الظروف الراهنة بات ضرورة شرعية وحاجة حضارية لإعادة التوازن في كل الجوانب المادية والمعنوية والفكرية والاجتماعية، نظراً إلى اختلال الموازين الشرعية في حياة كثير من المسلمين اليوم بين ما يقدم من الأحكام وما يؤخر، وبين المهم منها والأهم، وبين الفاضل والمفضول وبين الصالح والأصلح، وذلك تبعاً لقواعد جلب المصالح ودرء المفاسد، واتباعاً لمبدأ التيسير والتخفيف عن العباد الذي أُمرنا بأن نسلكه في جميع تصرفاتنا التعبدية». كما طالبوا باعتماد القواعد والضوابط العامة للشريعة والضوابط الخاصة بتزاحم الأعمال، وكذلك «ضرورة التخفيف والتقليل من حج النافلة للإنسان نفسه، أو تطوعاً عن غيره حياً كان أو ميتاً، وذلك إيثاراً لإخوانه ومساعدة للمسلمين المكلفين الآخرين على أداء حج الفريضة بيسر وكمال وأمان»، مشيرين إلى «أن ترك التطوع بالحج أو تأخيره بنية التوسعة على هؤلاء الحجاج وتخفيف الزحام عنهم هو بحد ذاته قربة إلى الله تعالى». وقدم المشاركون شكرهم وتقديرهم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته على رعايتهم لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وزوار مدينة رسوله الكريم، ويدعون الله تعالى أن يجزيهم عن ذلك خير الجزاء وأن يديم لهم التوفيق والسداد لمواصلة المسيرة الإسلامية الحضارية الخيرة لهذه البلاد. وأشاد المشاركون في الندوة بجهود حكومة المملكة في توسيعات الحرمين الشريفين والمنجزات العظيمة المتلاحقة والمستمرة في المشاعر المقدسة «هذه المشاريع العملاقة جاءت استجابة للنظر في المقاصد الشرعية والمصالح القطعية والتيسير ورفع العنت والحرج عن المكلفين ومراعاة لفقه الأولويات»، ودعت الندوة الأمة الإسلامية إلى أن تتفهم ما عمدت إليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من تخفيف أعداد الحجاج والمعتمرين في شكل موقت، بسبب المشاريع المباركة القائمة لتوسعة المطاف والمسجد الحرام.