دعا رئيس مجلس أمناء جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمياه الأمير خالد بن سلطان من العاصمة الهنغارية بودابست أمس دول المنطقة والعالم إلى اعتماد منهج الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه، واعتماد الحوكمة العالمية للمياه، وتسخير التقنية لخدمة الأهداف الإنمائية، مؤكداً أن «ذلك هو سبيلنا إلى ازدياد الوعي المائي». وقال في كلمته خلال اجتماع مجلس أمناء جائزة الأمير سلطان للمياه الذي عقد صباح أمس في بودابست برئاسته: «على رغم التهديدات الأمنية التقليدية، إلا أن المياه ستكون هي عامل التغيير في قواعد اللعبة السياسية في المنطقة». وفيما يأتي نص الخطاب: «أبدأ خطابي بتوجيه الشكر الصادق إلى حكومة جمهورية هنغاريا الصديقة وشعبها الكريم على حسن استقبالهم وكرم ضيافتهم. ونحن نعقد اجتماع مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه، في جلسته الأولى من الدورة السادسة، في رحاب مدينتهم العامرة، مدينة بودابست العريقة. أتحدث إليكم عن همومنا المائية، وأكبرها هماً ما يعانيه العالم من شح في المياه وندرة، فضلاً عن التلوث وعدم الرشد في الاستهلاك، يضاف إليهما التغير المناخي والاحتباس الحراري. وقد أشارت دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، في أبريل 2010، عن المياه كمورد استراتيجي في الشرق الأوسط بعنوان: «الذهب الصافي»، إلا أنه على رغم التهديدات الأمنية التقليدية، إلا أن المياه ستكون هي عامل التغيير في قواعد اللعبة السياسية في المنطقة. فالزيادة المضطردة في عدد السكان، والسياسات المائية التوسعية، والاستثمارات المتطاولة في البنية التحتية، شكلت وتشكل ضغطاً على موارد المياه القائمة والشحيحة أصلاً، فحدثت الندرة، وإن ما سيتعرض إليه العالم من أخطار، سيكون الماء مبعثها ومركزها، إن لم نتدبر أمرنا في وعي ورشد. لذا أدعو الدول إلى اعتماد منهج الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه، واعتماد الحوكمة العالمية للمياه، وتسخير التقنية لخدمة الأهداف الإنمائية، فذلك هو سبيلنا إلى ازدياد الوعي المائي، وتحقيق الإدارة السياسية الراشدة، والتي نأمل من خلالها أن نجد كثيراً من الحلول لمشكلاتنا المائية. الإخوة والأخوات، في ظل هذه الظروف وتلكم التحديات، تدعو الجائزة الباحثين والعلماء إلى بذل مزيد من الجهد في الدراسة والتحليل والإبداع والابتكار للخروج بأفكار ومشاريع وخطط بناءة، وحلول غير تقليدية، فهذا الجهد العالمي العلمي المعرفي هو طوق النجاة، وسبيلنا لمعالجة ما يعانيه عالمنا من ندرة وتلوث وتصحر وجفاف. وإن جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه في فروعها الأربعة تظل مفتوحة للباحثين والعلماء لإجراء هذه البحوث وتلك الدراسات، سواء في المياه السطحية أو الجوفية، أو الموارد المائية البيئية غير التقليدية، أو إدارة الموارد المائية وحمايتها، وكل ما يسهم في تقديم ما يعين على أن نتجاوز ما نحن فيه من محنة قد تدمر عالمنا لا قدر الله. وكما تعلمون فإنه لا اكتفاء زراعياً من دون مياه، ولا تقدم صناعياً بمعزل عنها، ولا سبق تقنياً إلا في ظلها. لذا نشجع ونحث المبدعين والباحثين على بذل مزيد من الجهد لنصل إلى منظومة متكاملة تتشارك فيها الدول جميعها، فقيرها وغنيها، والمجتمعات كافة، كبيرها وصغيرها، والمؤسسات قاطبة، شعبيّها ورسميّها، فبذلك نكون قد أسهمنا في النجاة من الهلكة والفناء. قد تبدو الصورة مروعة، ولكن إيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا وقياداتنا تجعلنا مستبشرين، بأن تكون المياه في المستقبل القريب عاملاً من عوامل التقارب والتفاهم، لا الفرقة والشتات، عاملاً من عوامل الأمن والسلام، لا التناحر والاقتتال. أيها الحفل الكريم إننا لندعو إلى إعلاء قيمة الإنسان باحترام إنسانيته، وحقه في الحصول على مياه نظيفة وصرف صحي آمن. نشكر لكم حضوركم ومشاركتكم يوم «جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه» الذي يسعدنا عقده في هذه المدينة العريقة. وأتمنى لكم التوفيق والسداد».