تذكرني أحداث اليوم بأحداث الجيش في الخمسينات مع «الإخوان»، فالسيناريو هو نفسه: المستشار عبدالقادر عودة الذي فض التظاهرات وبعدها حكم عليه بالإعدام، وسيناريو تولي الشيخ أحمد حسن الباقوري الوزارة بعدما رفض «الإخوان» عرض الرئيس جمال عبدالناصر، فعين الباقوري نكاية بهم، وهو المنشق عنهم. وأكاد أجزم بأن التاريخ سيعيد نفسه لأن «الإخوان» لم يتعلموا من دروس الماضي: وكذلك العسكر لهم العقلية نفسها ويعرفون كيفية التعامل مع عقلية «الإخوان». ان الكرة الآن في ملعب «الإخوان» ولا مبررات لديهم من أي نوع وتحت أي ظرف. لقد تم لقاء سري بين الكاتب محمد حسنين هيكل، والقياديين الإخوانيين محمد علي بشر، وزير التنمية المحلية السابق وعمرو دراج، وزير التخطيط السابق، لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة. وناقش المجتمعون عرضاً قدمه هيكل للجماعة يقضى بوقف الاعتقالات المستمرة منذ 3 تموز (يوليو) الماضي وحتى الآن، والإفراج عن قيادات الجماعة، ووقف القرارات المتعلقة بتجميد أموالهم. واعتبر هيكل العرض «سخياً»، يأتي فى مقابل انخراط الجماعة فى الحياة السياسية وفق خريطة الطريق التي أعلنها الفريق أول عبدالفتاح السيسي في 3 تموز الماضى، ووقف التظاهرات والمسيرات اليومية، والاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية. الا ان عرض هيكل لقي رفضاً قاطعاً من بشر ودراج، اللذين أكدا لهيكل أن لا بديل من الشرعية واستمرار التظاهرات، وهو الكلام الذي جعل هيكل يخرج غاضباً من الاجتماع. بعد هذا العرض وردّ الفعل المعلن عليه، طالعتنا الأخبار بمنع سفر بشر في مطار القاهرة فيما كان متوجهاً إلى دبي. وفي العادة، لا يتوجه مسؤول «إخواني» في مثل هذه الظروف إلى دبي، فربما يتوجه الى قطر أو تركيا، وشيطان الأسئلة ينشط في مثل هذه الظروف الضبابية التي تشي بوجود شيء ما بين العسكر و «الإخوان»؟ فهل هو صفقة؟ أم جس نبض أم اختبار تحمل؟ وأين كانت وجهة بشر في سفره ولماذا منع من السفر؟ هل المنع بقرار قضائي أم من جهة سيادية؟ وهل الجهات السيادية تقوم بالتنسيق مع بعضها أم كل يغني على ليلاه؟ هذه الأسئلة وغيرها تهم كل مصري قلق حتى الأرق على وطنه.