بعد أربعة أيام على تسببه في أزمة سياسية في ايطاليا، اثر مطالبته الوزراء الخمسة المنتمين الى حزبه «شعب الحرية» بالاستقالة، تراجع رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلوسكوني عن رفضه منح الثقة لحكومة انريكو ليتا، ما مهّد لكسبها ثقة مجلس الشيوخ بغالبية 235 صوتاً في مقابل معارضة 70 سيناتوراً ينتمي غالبيتهم الى «حركة 5 نجوم» التي يقودها الممثل الكوميدي السابق بيبي غريلو واليسار الراديكالي. وستحصل الحكومة اليوم على ثقة مجلس النواب الذي يملك «الحزب الديموقراطي» بزعامة ليتا غالبية مقاعده. وأبلغ بيرلوسكوني مجلس الشيوخ ان حزبه قرر، بعد نقاش داخلي، التصويت على منح الحكومة الثقة. لكن قلبه استراتيجية المواجهة مع الحكومة 180 درجة دفع المراقبين الى القول إنها «مناورة سياسية قد تبدأ بعزل وزراء حزبه الذين خرجوا عن طاعته وطاعة بيرلوسكوني وجناح الصقور داخله عبر رفضهم الاستقالة الجماعية، وكذلك برلمانيين في الحزب يُعتقد بأنهم سيغادرون صفوفه في الأيام المقبلة». وحاول بيرلوسكوني مقايضة دعمه للحكومة بإسقاط حكم نهائي اصدرته محكمة النقض ضده، وقضى بوضعه قيد الاقامة الجبرية 4 سنوات، وإقصائه من المهمات والوظائف الحكومية فترة مماثلة. وجاء قرار بيرلوسكوني بعد انتهاء مداخلة رئيس الوزراء ليتا التي استمرت 47 دقيقة، واستعرض فيها انجازات حكومته منذ تشكيلها قبل 5 شهور واخطار اسقاطها على الاقتصاد وحياة المواطنين» الذين قال انهم باتوا «لا يُطيقون حلبات الصراع والنزيف المستمر للوسط السياسي». وسعى بيرلوسكوني عبر خطوته «الحاذقة» الى منع كشف التصويت المعارض للثقة هيمنته الضعيفة على حزبه «شعب الحرية» وتوثيقها بالأرقام، خصوصاً بعد إعلان 40 سيناتوراً من الحزب نيتهم مغادرته، وتشكيل مجموعة برلمانية مستقلة. كما لم يرغب بيرلوسكوني في أن تُسجّل نجاحات الحكومة في مصلحة ليتا ووزرائه، بل في مصلحته ايضاً كونه يدعم الحكومة، كي يستمر في اشهار السيف على رأسها، في انتظار استعادته، عبر مناورات عُرف بقدرته على حياكتها، هيمنته المطلقة على الحزب، وإقصاء المناهضين الذين عارضوه في الساعات ال48 الماضية وعزلهم. وعموماً، حققت المواجهة بين بيرلوسكوني وليتا، لرئيس الحكومة، إضافة الى دعم الوزراء المناهضين لبيرلوسكوني، دعماً غير مُرتقب لعمدة مدينة فلورنسا ماتيو رينزي الذي رشّح نفسه لزعامة «الحزب الديموقراطي» المقبلة ومنصب رئيس الحكومة بعد الانتخابات المبكرة المرتقبة الربيع المقبل. وأعلن رينزي بعد لقائه رئيس الحكومة ليتا ليل اول من أمس، دعمه الكامل لجهود رئيس الحكومة لحل الأزمة التي نشأت، بعد تلويح بيرلوسكوني بسحب دعمه البرلماني للحكومة.