«كلما تحولت الرياضة إلى صناعة، تفقد جمالها».. «تحول اللعب إلى استعراض، فيه قلة من الأبطال وكثرة من المشاهدين».. هكذا يصف إدوارد غاليانو اللعبة الشعبية الأولى في مقدمة كتابه «كرة القدم بين الشمس والظل»، وهو وصف يتحقق مع واقعنا اليوم. فاللعبة التي ظلت متعة للبسطاء ومصدر ترفيه وابتهاج تحولت إلى توتر وقلق وانفعال، بل أصبحت سبباً في الاختلاف والصراع والتفرقة! مداخيل الأندية تزداد يوماً بعد آخر وجرعة الاحتقان تتضاعف في كل لحظة! فعلاً «الصناعة تستبعد الجمال». يحدث هذا كله ونحن لم ننهِ بعد نصف جولات الدور الأول، في الأسبوع الماضي قلت هناك من يشوه الرياضة ويخرجها من ميادينها الرياضة التي عرفت بأخلاقيات المتنافسين وقيم التنافس، إذ أصبحت اليوم صراعات وتصفية حسابات وضجيجاً لا ينتهي! والمؤسف أن طريقة نقدنا وطرحنا الإعلامي تحولت في أكثرها من بحث عن حلول إلى تشفٍ وانتقام من مسؤولين ونجوم وأندية! نعم ما يحدث لدينا ليس سوى تشفٍ تحركه ميول ويقوده تعصب ويروج له منحازون ينتهزون الإخفاقات لصناعة بطولات خاصة! هذه هي الحقيقة التي يجب أن نتوقف أمامها ونعترف أنها واحدة من أكبر المشكلات التي تواجهها رياضتنا وتعيد عجلتها إلى الوراء كلما حاول المخلصون دفعها للأمام، حتى وصل المتابعون والمحبون للرياضة إلى أعلى درجات الإحباط وتحولت اللعبة التي يعشقونها إلى خلافات وحسابات خاصة ومؤامرات وعداء! في كل بلدان العالم يستمتعون بالرياضة ويعيشون معها لحظات الإبداع والإمتاع، إلا لدينا.. نتابعها انتظاراً للحظة إخفاق نصفي فيها حساباتنا مع داعمين ومسؤولين وأعضاء شرف ونمارس أعلى درجات الانتقام من نجوم وجمهور مضاد حتى على حساب الوطن وسمعته! للأسف وبألم هذا هو الواقع، ففي الرياضة الفساد لا ينحصر في المال.. بل يمتد لتغييب الحقيقة وتكريس التعصب وقتل المواهب. فساد الرياضة في الانحياز للألوان وغياب الصدقية وشحن الجماهير. فساد الرياضة هو تشويهها وإبعادها عن أهدافها وتحميلها فوق ما تحتمل، هذا الفساد لا تقتصر أخطاره على الرياضيين، بل تمتد لجيل بأكمله ينشأ على الحقد و الكراهية ورفض الآخر.. إذاً نحن بحاجة ماسة إلى «نزاهة» أخلاق وقيم قبل أي شيء آخر.. [email protected]