أحيت «مؤسسة غسان تويني» بالتعاون مع «مجمع فرنسا» (كوليج دو فرانس) ذكرى الناشر الراحل لصحيفة «النهار» اللبنانية خلال ندوة استضافها المجمع وعنوانها «مسيرة لبناني استثنائي». وافتتح الندوة التي توزعت على جلستين، المؤرخ هنري لورانس الذي قال إن الندوة تشكل تحية «لرجل ملك ثقافة ضخمة» وكان من «القلائل الذين في إمكانهم فك تشفير السياسة الصعبة في الشرق الأوسط». وخصصت الجلسة الأولى للندوة لسيرة تويني «الرجل السياسي والديبلوماسي» وأدارها الكاتب جيرار خوري الذي وصف تويني بأنه «رجل عصر قاوم بلا هوادة من اجل لبنان والشرق الأوسط» ورجل «يحترم إرثه ومنفتح على العالم». وقال ان تويني «كان جاهزاً لكل التحديات منذ شبابه اذ دافع عن سورية الكبرى والقومية اللبنانية والعربية» كما «جابه التطرف ودعم القضية الفلسطينية حتى عند اختلافه مع قادتها». وتحدثت خلال الجلسة سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبورغ ليلى شهيد التي قالت إن «تويني تعاطف مع القضية الفلسطينية عند التحاقه بجامعة هارفرد حيث اكتشف كيفية عمل الصهيونية ما اقنعه بأن على العرب ايضاً العمل بالطريقة نفسها، وأبدى «تضامناً ودعماً» حيال القضية الفلسطينية لأنه كان على ثقة بأن «مصيري بلده وبلدي مرتبطان تاريخياً وجغرافياً»، ووضع «النهار» بتصرف المثقفين عموماً ومنهم الفلسطينيون». ودعت الى «اعداد دراسة حول دوره في الدفاع عن القضية الفلسطينية في وجه المنظمات الصهيونية في الولاياتالمتحدة عندما لم يكن هؤلاء المدافعون سوى قلائل». وتناول الناطق باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية نصيف حتي من جانبه، دور غسان تويني في اطار اصدار القرار 425 وديبلوماسيته «الاستباقية لمجابهة التصعيد الأسرائيلي عبر احياء اتفاق الهدنة». ولفت الى ان تويني لم «يوفق في فرض هذا الاتفاق لأن لاعبين أقليميين ودوليين» حالوا دون ذلك ما جعله «يفرض انشاء قوة حفظ السلام الدولية (يونيفيل) المنتشرة في جنوب لبنان». وتناول لورانس الموضوع نفسه عبر ما هو مدون في ارشيف وزارة الخارجية الفرنسية، وقال ان توني أبدى «مكيافيلية خلال المفاوضات التي أدت الى إصدار القرار 425»، لافتاً الى ان هذا القرار أدى فقط الى «وقف العمليات الحربية وليس الى وقف لأطلاق النار» وان «الوضع نفسه لا يزال قائماً مع تغيير في كبار اللاعبين». واختتمت الجلسة الصباحية بدقائق مؤثرة تخللها بث مقتطف من مقابلة صحافية بصوت غسان تويني أثناء عمله سفيراً للبنان في الأممالمتحدة ويتحدث فيها باللغة الأنكليزية عن نشأته وسيرته. وفي الجلسة الثانية التي تناولت سيرة تويني بصفته «رجل ثقافة وايمان»، قال الوزير السابق ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا طارق متري ان تويني كان «يحظى بفضول فكري عظيم ويحلم بتحويل المخطوطات الى كتب بمتناول الجميع». وأضاف ان تويني «كان يؤمن بأن التغيير الثقافي يؤدي الى تغيير في مجالات اخرى بما في ذلك اجتماعي وسياسي»، ولذا فإنه كان «يفتح ابوابه وقلبه كصحافي وناشر امام المبتكرين». ورأى ان تويني «لم يكن صحافياً مثقفاً وسياسياً صاحب فكر علمي واسع ولم يكن باني جسور بين عالم متعدد، بل كان يفرض هويته الثلاثية كمراقب ولاعب ومفكر واسمه مرتبط بالحرية كمبدأ للأمل». وتطرق النائب اللبناني مروان حمادة الى رجل الصحافة وقال ان تويني اعتبر «القرن العشرين عصر الصحافة العربية وصحافة الفكر التي سبقت عصر الديكتاتوريات». وأضاف: «بعد 80 سنة على تأسيس «النهار» توفي غسان وتداعت بعده آخر اشعاعات لما كانت عليه النزعة اللبنانية والعربية وتقريباً الدولية لصحافة الشرق الوسط». وحضر الندوة شاديا تويني ومندوب لبنان لدى اليونيسكو السفير خليل كرم ومندوب الجامعة العربية في باريس السفير بطرس عساكر وسفير فرسان مالطا في لبنان شارل هنري داراغون والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في فرنسا غدي خوري وسفيرة لبنان السابقة في فرنسا سيلفي فضل الله وسفير فلسطين في اليونيسكو الياس صنبر، اضافة الى العديد من محبي ومعارف تويني من فرنسيين ولبنانيين حضر بعضهم خصيصاً من لبنان لمناسبة انعقاد الندوة.