لم تكتف السلطات اليونانية باعتقال زعماء حزب «الفجر الذهبي» (اليميني المتطرّف) ذي العقائد النازية والتحقيق معهم، بل بدأت حملة تطهير لأجهزة الدولة، خصوصاً الأجهزة الأمنية، من المسؤولين الذين كانوا يساندون الحزب ويغطون جرائمه. واعتقلت الشرطة زعيم الحزب نيكولاوس ميخالولياكوس واثنين من نواب الحزب في البرلمان وأعضاء آخرين، واتهمت عضواً منهم بالتآمر لقتل بافلوس فيساس مغني الراب مناهض الفاشية، والذي أطلق مقتله في يوم 17 الجاري شرارة احتجاجات غاضبة في أثينا. وأبعد وأقيل أكثر من مسؤول كبير في الشرطة اليونانية لعلاقتهم ب «الحركة النازية»، كما اعتقل رجال شرطة أدنى رتبة على خلفية تدريبهم المتطرفين على أساليب القتال والتغطية على جرائمهم بحق مئات الأجانب الذين تعرضوا لهجوم في أسواق وساحات. وانتقدت الصحافة اليونانية تأخر السلطات في فتح هذا الملف ومواجهة النازيين بحزم، حيث كان مئات الأجانب أصيبوا بجروح وكسور إثر هجمات ضدهم، كما قتل بعضهم. واستغربت الصحافة أن تواجه السلطات العنصريين بعد مقتل مواطن يوناني فيما لم تفعل شيئاً إثر مقتل عشرات الأجانب وجرحهم أخيراً. وكانت المنظمات المؤيدة للأجانب قدمت مئات الشكاوى حول التصرفات العنصرية لرجال الشرطة اليونانية وإعاقتهم الأجانب من تقديم شكاوى في شأن الهجمات العنصرية التي تعرضوا لها من قبل عنصريين لهم علاقة بالحزب النازي، فضلاً عن المعاملة العنصرية التي تقابل الشرطة اليونانية بها الأجانب. وحزب «الفجر الذهبي» ليس أول حزب عنصري ينشأ في اليونان، إذ سبقه حزب «لاوس» المتطرف. لكن الحزبين مختلفان في المبادئ والتطبيق، حيث كان «لاوس» مسيحياً أرثوذوكسياً خلط سياسته بالعنصرية وكراهية الإسلام لأنه وجدها ورقة رابحة، ولم يكن حزباً ذا قاعدة وأفراد منضوين أيديولوجياً في صفوفه، لذا انهار مع أول تجربة له في الحكم. أما حزب «الفجر الذهبي» فتأسس من القاعدة، ويضم شباباً متعصبين لمبادئه النازية العنصرية، كما أنه مؤسس بطريقة شبه عسكرية تمنح الولاء والطاعة العمياء للمؤسس القائد، وإن كان عدد من أعضائه تخلوا عنه اعتراضاً على أسلوب قيادته وعدم ديموقراطيته. ولد ميخالولياكوس عام 1957، وانخرط في سبعينات القرن الماضي في حركات يمينية متطرفة وسجن في قضية تفجيرات وهجمات ضد صحافيين. والتقى في السجن مجموعة من زعماء الانقلاب العسكري (1967 - 1973) فتشرّب منهم مزيداً من الأفكار المتطرفة. وأنشأ ميخالولياكوس الحركة القومية الشعبية – الفجر الذهبي - عام 1985. وبدأت نشاطاتها الظاهرة في حقبة التسعينات حيث شاركت في تجمعات قومية منها ما نظّم ضد الجارة الشمالية مقدونيا، وذلك بسبب الخلاف القائم بين البلدين حول قضية تسمية مقدونيا، والخلافات حول جزر بحر إيجة مع تركيا. للحزب بنية شبه عسكرية تقوم على مجموعات صغيرة على شكل كتائب الجيش النظامي، تحاول التشبه بالمجموعات المقاتلة في اليونان القديمة، وتهتم شبيبة الحزب بالرياضة ومزاولة ألعاب القوى والفنون الدفاعية.