إنسان عادي، متوتّر، راغب، ضعيف، تائه، مشكّك، متأمّل... هذه هي صفات بطل رواية الكاتب الجزائري الجديدة «غرفة الذكريات» (منشورات ضفاف والاختلاف). فالكاتب يرسم ملامح شخصية تعيش في مرحلة حساسة تمتزج فيها المخاوف بالآمال، وفي وطن عائم بين الأحلام والانكسارات في عنوان «غرفة الذكريات». فيغدو الراوي الرئيس في العمل أشبه بمرآة تعكس ذاك العالم الذي يعيش فيه، تبتلعه الأسئلة حتى يجد في الكتابة منفذاً للنجاة من الغرق فيها. هكذا، يجد عزيز مالك نفسه، وهو على مشارف الخمسين من عمره، أسير رغبة قاهرة في كتابة رواية تكون هي الأولى والأخيرة في حياته. فيقرّر أن يعود إلى الأصل، إلى الماضي متسلحاً بذكريات عن الطفولة والمراهقة ومطلع الشباب، حيث تعرّف إلى «جماعة الشعراء» التي جعلته يعيش الحبّ بمفهوم آخر، ويرى الحياة بعين أخرى. وقد تكون هذه الشخصية المقيدة بأسئلتها الفلسفية والوجودية والحياتية انعكاساً لجيل عاش تراجيديا الحرب الجزائرية، وصدمة الحرية من حلم الاستقلال إلى كابوس التشدّد العقائدي. وهذا ما يؤكده الكاتب نفسه في إهدائه الرواية «إلى ذلك الجيل الذي فقد أحلامه في دروب الجزائر المظلمة». «غرفة الذكريات» هي الرواية التاسعة لصاحبها الروائي والناشر الجزائري بشير مفتي (1969)، وقد جاءت بعد سلسلة من الروايات المعروفة مثل: «أرخبيل الذئاب»، «شاهد العتمة»، «أشباح ملونة»، «دمية النار» (وصلت إلى اللائحة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2012).