تحاول تنظيمات جمعوية جزائرية معروفة بمساندتها للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إقناع أربعة أحزاب من الموالاة بتنظيم تجمع شعبي في سطيف، عاصمة الهضاب العليا، في ذكرى المصالحة الوطنية (29 أيلول/سبتمبر)، لدعوة بوتفليقة إلى الاستمرار في الحكم، بالتوازي مع إعلان أكبر تنظيم نقابي جزائري «وفاءه للرئيس»، ما فُهم أنه تزكية «محتشمة» لخطط تمديد فترة حكم رئيس الجمهورية. وتُجري أربعة أحزاب جزائرية مشاورات في ما بينها في شأن تنظيم مؤتمر شعبي حافل يدعو بوتفليقة إلى حسم استمراره في الحكم من عدمه. وقال مصدر حزبي مطلع إن اقتراحاً بلغ الأحزاب الأربعة في شأن تنظيم المؤتمر في ولاية سطيف، لكنه لم يشر إلى موافقة الأحزاب المعنية وهي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية. وفي السياق ذاته، استعرض الوزير الأول عبدالمالك سلال ما سمّاه «الاستقرار الذي تنعم به الجزائر في محيط صعب جداً» واعتبره «مكسباً كبيراً جاء بفضل سياسية الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية التي قادها رئيس الجمهورية». وفُهم كلام سلال على أنه بداية للترويج لخطاب «الإستمرارية» الذي قد يكون مجدداً صلب حملة تمديد حكم بوتفليقة أو ترشيحه لولاية رابعة. ونُقل عن سلال مساء أول من أمس في ختام زيارة لولاية المدية جنوب العاصمة إن رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة هو «رب العائلة في الجزائر ... أنا معه حتى الموت». وأضاف أن «الاستقرار الذي تعرفه الجزائر في محيط صعب وصعب جداً جاء بفضل رجال الدولة الذين وقفوا خلال العشرية الصعبة»، مشيراً في هذا السياق إلى أن ولاية المدية كانت «إحدى المناطق التي عرفت مرارة العشرية الصعبة لكنها تنعم اليوم بجو من الاستقرار والطمأنينة بفضل سياسة المصالحة الوطنية وقبلها الوئام المدني». وفي سياق دعوات التأييد لرئيس الجمهورية، أعلن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين عبدالمجيد سيدي سعيد، في اجتماع نقابي، أن الاتحاد «ملتزم الوفاء لرئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة». وأضاف: «لقد حظي ويحظى وسيحظى الرئيس بوتفليقة بكل اهتمام وتضامن والتزام الاتحاد العام للعمال الجزائريين لأننا لسنا ممن ينكرون التزاماتهم». وفُهم تصريح سيدي السعيد بأنه تهرب من إعلان تزكية صريحة لبوتفليقة برغم أن النقابة نفسها دعمت ترشحه وسياساته منذ اعتلائه سدة الحكم عام 1999، وأعلنت دعمها له في انتخابات عامي 2004 و2009. وفي فترة حكم بوتفليقة استأثر الإتحاد العام للعمال الجزائريين بالحوار مع الحكومة، واتُهم بتغييب النقابات المستقلة في رسم السياسات المهنية. ووقّعت الحكومة و «الإتحاد»، وهو أكبر تنظيم نقابي، ما سُمّي ب «العقد الإقتصادي والإجتماعي»، وهو يشبه «الهدنة» يلتزم فيه التنظيم بنبذ الإضرابات مقابل امتيازات من الحكومة للقطاعات التابعة له. ويُتوقع أن يشهد هذا التنظيم النقابي معركة استقطاب حول مرشح الرئاسيات المقبلة بوجود حديث عن قرب تنحية سيدي السعيد. ويُنظر إلى التنظيم على أنه وعاء جماهيري مهم في تركيبته البشرية. وربما تمتد حمّى الاستقطاب في الرئاسيات المقبلة إلى جمعيات ل «أبناء الشهداء» و «المنظمة الوطنية للمجاهدين» و «منظمة أبناء المجاهدين»، علماً أن تنظيم «ضحايا الإرهاب» أعلن في وقت سابق دعمه استمرار بوتفليقة. والفئات المذكورة يُنظر إليها بوصفها مانحة للشرعية ومجنّدة لفئات شعبية ومسوّقة لخطاب وطني قومي متجذر لدى قطاع واسع من الجزائريين. وتضع جبهة التحرير الوطني يدها تقريباً على «منظمة أبناء الشهداء» في حين يحوز غريم الجبهة، التجمع الوطني الديموقراطي، على قيادة «منظمة أبناء المجاهدين»، ما يعني أن موقف هذه التنظيمات سيكون من موقف الأحزاب التي تشكل مرجعية لقياداتها.