بعدما انقطع عن مخاطبة الناس عن «مصيرية» الانتخابات التشريعية قرابة شهر ونصف شهر، عاد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى حض الهيئة الناخبة على التصويت بقوة، قائلاً «إن الجزائر هي اليوم محط الأنظار». لكن دعوة بوتفليقة للجزائريين إلى المشاركة في التصويت تمت هذه المرة عبر الإتحاد العام للعمال الجزائريين، وهو أكبر تنظيم نقابي في الجزائر على رغم أن كثيرين يرون أنه بات مجرد هيكل نقابي يأتمر بتعليمات الحكومة. ولم يبق سوى ستة أيام فقط من عمر الحملة الإنتخابية التي تميّزت حتى الآن بقدر من اللامبالاة بين الناخبين على رغم أنها توصف ب «المصيرية»، كونها الأولى في الجزائر منذ بدء «ثورات الربيع العربي» التي جاءت بالإسلاميين إلى سدة الحكم في الدول المجاورة. وقال بوتفليقة في رسالته إلى الاتحاد العمالي التي تزامنت واحتفالات عيد العمال، إنه «يتعين على كل فرد من أفراد المجموعة الوطنية أن يدرك أن مشاركته في الموعد الانتخابي ليوم الخميس 10 أيار (مايو) تكتسي أهمية بالغة على أكثر من صعيد». ولفت إلى اختلاف جذري حول رهانات التشريعيات المقبلة قائلاً «إنها تختلف عن المواعيد السابقة بالنظر إلى الآفاق المستقبلية التي سترسمها هذه الإنتخابات وأثر ذلك بالنسبة إلى مصير البلاد ككل». وقبل موعد الحملة الإنتخابية بأسابيع، درج بوتفليقة على تولي مهمة الترويج لضرورة المشاركة بقوة في الاقتراع الذي شبّهه تارة ب «ثورة نوفمبر» ضد الاستعمار الفرنسي وطوراً ب «مكسب الإستقلال» عام 1962. ويتردد أن النخب الحاكمة راهنت على «شعبية» رئيس الجمهورية لإيصال رسالة إلى الجزائريين مفادها أن «المقاطعة» تعني فتح الباب أمام «فرص التدخل الأجنبي». لكن بوتفليقة ابتعد «فجأة» عن مخاطبة الجزائريين منذ 19 آذار (مارس) الماضي، وتولى فريق من الأحزاب القريبة من السلطة مهمة تفصيل الرهان على مخاطر «التدخل الأجنبي». وفي هذا المجال، ردد أحمد أويحيى المسؤول الأول في حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» المشارك في الحكومة، أن «المقاطعة تعني إعطاء الفرصة للمتربصين بأمن البلد». واجتهد أويحيى، وهو الوزير الأول في الحكومة، خلال تجمعاته الشعبية في سرد «مساوئ الربيع العربي» وفضّل تسميته ب «الطوفان العربي». وفي رسالته إلى اتحاد العمال أمس، قال الرئيس بوتفليقة «إن الجزائر هي اليوم محط الأنظار، وكما برهنت بالأمس على جدارة ثورتها فإنها قادرة على تقديم نموذج رصين في مجال دعم المسار الديموقراطي». وتحدث عن ظرف دولي غامض يستوجب معه تصويت الجزائريين، فقال إنه ينبغي على «الجميع أن يعلم تمام العلم بأن المشاركة الواسعة تمهّد الطريق لدعم أركان الدولة ودولة قوية يعني دولة قادرة على حماية المواطن وعلى الحفاظ على السيادة الوطنية وتماسك البلاد في ظرف دولي يوحي بتساؤلات عدة». وعوّل بوتفليقة على الفئات العمالية، معبّراً عن يقينه أن العمال «سيعرفون كعادتهم كيف يرفعون التحديات التي تفرضها هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ شعبنا ويقبلون بقوة للإدلاء بأصواتهم بكل حرية ومسؤولية». وذكّر الرئيس بوتفليقة بأن أهم ما يميز احتفال هذه السنة هو تطبيق الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها في نيسان (أبريل) 2011 «بغية ترقية المسار الديموقراطي»، مؤكداً حرصه على «إجراء استشارة لكافة الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني لإثراء المنظومة التشريعية المكرسة لهذه الإصلاحات تحصيناً للبلاد من الهزات والتقلبات أو من تكرار المأساة الوطنية»، في إشارة إلى أحداث العنف التي بدأت إثر الغاء الانتخابات في مطلع العام 1992. رابح كبير: مقاطعة وفي لندن، تلقت «الحياة» بياناً من المسؤول السابق في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في أوروبا رابح كبير دعا فيه إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة، في موقف يتقاطع مع موقف قادة الجبهة المحظورة منذ العام 1992. وأشار كبير في بيانه إلى «غياب النية الحقيقية لدى السلطة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحقق الإرادة السيّدة للشعب الجزائري ... لذلك فإننا نرى أن أفضل وسيلة سلمية حضارية في وسع الشعب الجزائري ممارستها في كنف الأمن والسلام هي المقاطعة الكلية الشاملة لهذا الاستحقاق». وقبل أيام دعا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أيضاً إلى مقاطعة الاقتراع.