على رغم الموقع الاقتصادي المهم الذي تتبوءه السعودية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن مدنها التجارية الرئيسة الأقل حظاً في العوائد الاقتصادية الناجمة عن سياحة المؤتمرات والمعارض، على خلاف جاراتها التي تبعد عنها بمسافات قصيرة، إذ إن مدينة دبي تتفوق على منافسها القديم مدينة جدة بمراحل عدة، زاخرة بإقامة العديد من المعارض والمؤتمرات ذات الصبغة العالمية وفي مختلف المجالات. واستطاعت دبي مدينة السياحة والأعمال على ساحل الخليج العربي الوجود في قائمة ال100 وجهة عالمية لسياحة الاجتماعات والمؤتمرات، وذلك ضمن تصنيف العام 2012 الذي أصدره الاتحاد الدولي للمؤتمرات والاجتماعات. وأرجع مختصون ضعف سياحة المؤتمرات والمعارض في السعودية إلى البيروقراطية التي تواجه العاملين في شركات تنظيم المعارض مع الجهات المعنية المتعددة، إضافة إلى بعض التعقيدات التي تصاحب تجهيزات إقامة المعارض كإصدار التأشيرات والتراخيص المتطلبة، إلا أنهم يرون في تولي الهيئة العامة للسياحة والآثار شؤون سياحة المعارض والمؤتمرات سيغير وضعها إلى الأفضل في شكل كبير. صالح علي وهو مدير شركة تعمل في مجال تنظيم المعارض والمؤتمرات أوضح ل«الحياة» أن عدم تعاون الجهات المعنية مع بعضها البعض سبب رئيس في ضعف هذا المجال في المنطقة، لا سيما أن سياحة الأعمال تتطلب جملة من الموافقات مثل إصدار التأشيرات الخارجية. مشيراً إلى ضرورة مراجعة عدد كبير من الجهات الرسمية مثل وزارة الداخلية، وزارة التجارة والصناعة، ومصلحة الجمارك، ومجلس الغرف السعودية، وذلك لإكمال الإجراءات النظامية المتعلقة بتنفيذ المعارض. ولفت إلى أن هذه الإجراءات تطول مدة التعقيب عليها أحياناً إلى ستة أشهر، وذلك بسبب البيروقراطية «غير الطبيعية» التي يواجهونها، ويرى صالح علي أن نجاح سياحة المعارض والمؤتمرات في مدينة دبي يعود إلى تولي جهة واحدة كامل إجراءات ومتطلبات إقامة المعارض. ويشكو صالح من تسبب البيروقراطية التي تواجههم فيها الجهات ذات العلاقة إلى تأجيل أو إلغاء إقامة بعض المعارض والمؤتمرات أحياناً، مما يحدو بهم ذلك إلى تغيير خطة عمل كاملة التي تحتاج إلى تكاليف مالية إضافية. ويتابع أن الأمر لا يتوقف عند الخسائر المالية أو التكاليف الإضافية التي تتكبدها شركته، بل يصل إلى التأثير في سمعة الشركة سلبياً، إذ لن يتفهم الموعودون بالمعرض الأسباب الحقيقية للتأجيل أو الإلغاء، بل سيضعون كامل اللوم على الجهة المنظمة. من جهته، يرى عضو لجنة المعارض والمؤتمرات في الغرفة التجارية في مدينة جدة حسين آل حارث أن مسؤولية الهيئة العامة للسياحة والآثار عن سياحة المؤتمرات والمعارض سيغير كثيراً من مجرى الأمور، إذ سيعمل ذلك في إحداث نقلة نوعية لها. وعن أبرز ما قد تصححه الهيئة العامة للسياحة والآثار الجهة المشرفة على تراخيص المعارض والمؤتمرات من مسار سياحة المؤتمرات والمعارض في السعودية، قال آل حارث إنه سيتم تغيير بعض الأنظمة والقوانين، وتسهيل عملية إصدار التأشيرات، وتذليل الصعوبات كافة التي كانت تواجه هذا المجال في السابق. وحاولت «الحياة» التواصل مع المتحدث باسم الهيئة العليا للسياحة والآثار ماجد الشدي إلا أنه لم يرد. وكان مجلس الوزراء وافق في مايو الماضي على تحويل اللجنة الدائمة للمعارض والمؤتمرات، إلى برنامج وطني باسم «البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات»، يهدف إلى تطوير وتنظيم قطاع المعارض والمؤتمرات في شكل كامل، والعمل على زيادة إنتاجيته وفعاليته، وتضمن القرار أن تتولى اللجنة الإشرافية للبرنامج اعتماد آليات منح التراخيص للمعارض والمؤتمرات وأماكن إقامتها والرقابة عليها.