لم تعد سويسرا جاذبة بالنسبة إلى الشركات الأجنبية كما كانت سابقاً، إذ شهدت حركة تأسيس شركات يملكها أجانب من أوروبيين وغيرهم، تراجعاً قوياً هذه السنة. وعزا محللون حكوميون أسباب هذا التراجع إلى عدم رغبة المستثمرين الأجانب في تأسيس أعمال تجارية في سويسرا. ويمكن أن يكون ذلك موقتاً لكن الشركات ترتكز في تريثها على ثلاثة عوامل هي الضغوط السياسية السلبية الخارجية والداخلية، والإصلاحات الضريبية السويسرية، وخطة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعروفة باسم «بيبس» التي تستهدف مكافحة تهرب الشركات المتعددة الجنسية من دفع الضرائب. وتلقي هذه الأسباب تداعياتها على سويسرا سلباً في سبعة كانتونات هي «زوريخ» و«غلاروس» و«غراوبوندن» و«شافهاوسن» و«شفيتس» و«زولوتورن» و«زوغ». كما لوحظ تقلّص حركة تأسيس شركات أجنبية كبيرة، قادرة على استيعاب أكثر من ألفي موظف إلى 37 شركة في الكانتونات السبعة المذكورة خلال العام الماضي و26 هذه السنة. ويتخذ عدد من الشركات الناشئة الكبيرة من سويسرا نقطة ارتكاز، للدخول إلى أسواق دول الاتحاد الأوروبي. أما الشركات الأميركية التي تريد التهرب من قبضة مصلحة جباية الضرائب الأميركية، فتبقى سويسرا بالنسبة إليهم حتى اليوم، خياراً جيداً ينتظر بعض التطورات التي ستطرأ على العلاقات الديبلوماسية السويسرية - الأميركية الحذرة. ولا يمكن الرهان على رجال الأعمال الروس الراغبين في تأسيس شركات قابضة لأسباب مالية بحتة، ولاستحداث وظائف أو التعويض عن النقص الحاصل في عدد الشركات الناشئة. في عام 2008، بلغ عدد الشركات الأجنبية في سويسرا نحو 500، وكانت كل واحدة منها قادرة على توظيف ألفي شخص وفي شكل تدريجي. فيما يمكن رصد تراجع هذا العدد خلال هذه السنة بنسبة 30 في المئة، كما لم تعد كل شركة أجنبية قادرة على استيعاب أكثر من ألف موظف. ويبدو أن كانتون «زوغ» هو الأكثر تأثراً بتراجع عدد رجال الأعمال الأجانب فيه، علماً أنه يعامل كل الشركات، والمتوسطة والكبيرة تحديداً معاملة جيدة، مانحاً إياها امتيازات ضريبية لا مثيل لها. لكن النقص في تجنيد الكفاءات العمالية المطلوبة والأخصائيين يردع رجال الأعمال الأجانب عن تأسيس موطيء قدم. ويرى مراقبون أن حالاً من التوازن المقبول نسبياً، لا تزال تسيطر على حركة الشركات الناشئة محلياً. إذ تستمر هذه الحركة منتعشة في كانتونات أخرى، كما «جنيف» «وبرن» و «فرايبورغ» و «فادت» و «نوينبورغ» و «فاليس»، التي استقطبت هذه السنة 50 شركة ناشئة أجنبية كبيرة. وتحظى هذه الكانتونات باهتمام تجاري من جانب شركات أميركية وروسية وصينية وأسترالية ورومانية تريد تأسيس فروع لها، لتعزيز فرص نجاح تسويق منتجاتها في الأسواق الأوروبية أيضاً. وعلى رغم ذلك، تراجعت حركة تأسيس الشركات هذه السنة بنسبة 20 في المئة. كما لم تُفعّل بعد 45 في المئة من الوظائف الجديدة، التي أقرت بها الأقسام الفيديرالية لدعم الاقتصاد.