ترصد شرطة الجمارك على الحدود الأوروبية السويسرية، خصوصاً على حدود الإيطالية - السويسرية والفرنسية - السويسرية والألمانية - السويسرية، ازدهار حركة تهريب الأموال نقداً، إذ يبدو أن ظاهرة تهريب الأموال إلكترونياً عبر الإنترنت جُمّدت حالياً. واعتبر خبراء سويسريون حركة تهريب الأموال عبر إخفائها في المركبات والقطارات ونقلها براً إلى قلب سويسرا، ورم خبيث سيتصدى لقوانين الشفافية المالية الهشة المفروضة بالقوة على سويسرا. وتراوح المبالغ التي يهربها رجل الأعمال الأوروبي بين 200 و500 ألف يورو كل مرة. واللافت أن العديد من رجال الأعمال الأوروبيين وشرائح واسعة من أبطال الرياضة، يسعون إلى إخفاء العلاوات التي يحصلون عليها عن السلطات الضريبية عبر القيام برحلات قصيرة إلى سويسرا لإخفاء أموالهم في خزائن مصارف سويسرية غير كبيرة متورطة سراً في قضايا التهرب الضريبية. وعلى رغم أن شرطة الجمارك على الحدود الأوروبية تراقب الوضع عن كثب، إلا أن المبالغ المهربة التي تنجح في مصادرتها شهرياً لا تصل إلى اثنين في المئة من إجمالي الأموال التي ينجح التجار الأوروبيون في إيصالها إلى مصارف سويسرا. وبلغت قيمة الأموال المهربة من الحدود الفرنسية والألمانية والإيطالية إلى سويسرا العام الماضي نحو 540 بليون يورو، ويُتوقع أن ترتفع إلى ما بين 20 و30 في المئة هذه السنة. ويُجمع المراقبون المحليون على أن سلوكات عباقرة عالم المال السويسري تغيرت جذرياً منذ بداية الصراع الضريبي السويسري - الأميركي. وعلى رغم تفعيل إستراتيجية «المال الأبيض»، التي تبنتها المصارف السويسرية الكبرى والتي تقضي بعدم قبول دخول أي مبلغ مالي إلى الحسابات المصرفية من دون أن يقدم العميل تصريحاً بها لدى السلطات الضريبية في بلده الأم، إلا أن هذه المصارف نجحت في تأسيس شبكة غامضة من المؤسسات المالية المحلية الصغيرة القادرة على توفير خدمات في غاية السرية للزبائن، مهما كانت جنسيتهم وظروفهم الضريبية. وتتكاثر ظاهرة تأسيس شركات قابضة في سويسرا من قبل رجال أعمال أجانب، حتى سوريين، في عدد من الكانتونات، من بينها كانتون «زوغ» وكانتون «أوبفالدن»، التي لا تدقق مصارفها كثيراً بهويات مؤسسي هذه الشركات أو بمصادر أموالهم، بل يكفي دفع 100 ألف فرنك سويسري لتأسيس شركة قابضة ومن ثم تحويل أموال عبر مصارف في إمارة ليشتنشتاين لإخفاء وجهتها النهائية. وما زالت المصارف في مدينتي لوغاون وزوريخ السويسريتين تستأثر بحصة الأسد لجهة التساهل وغض النظر عن مصادر أموال زبائنها، إن كانت شرعية أم مشبوهاً بها، حتى لو كانت قيمة المبلغ المودع أكثر من ربع مليون يورو.