يعبر الخبراء في وزارة الاقتصاد السويسرية «سيكو»، عن قلقهم إزاء تراجع حركة تأسيس فروع للشركات الأجنبية، في موازاة تراجع ملحوظ في إنشاء مشاريع تجارية في سويسرا من قبل رجال الأعمال الأجانب. ويتساءل خبراء عن أسباب تدهور جاذبية سويسرا بالنسبة لرجال الأعمال الأجانب، إذ تراجع خلال العامين الماضيين تأسيس الشركات الأجنبية في سويسرا نحو 40 في المئة، وهبطت الأنشطة التجارية لرجال الأعمال الأجانب 20 في المئة تقريباً، ما قد يؤثر على خطط حكومة برن لمواجهة البطالة التي قد تتجاوز 3.5 في المئة العام المقبل. وعزا خبراء تدهور أعمال تأسيس الشركات الأجنبية إلى سببين أساسين، الأول أن السرية المصرفية السويسرية تتعرض لضغوط أميركية وأوروبية، ولا أحد يعلم متى ستستسلم سويسرا للضغوط الدولية، ولذلك لا تشعر الشركات الأجنبية بالأمان الضروري لتأسيس فروع لها، علماً أن أكثر من 70 في المئة من هذه الشركات يعمل في قطاع الاستثمارات والاستشارات المالية. أما السبب الثاني، فيتعلق بقوة الفرنك السويسري، التي تعتبر الشغل الشاغل للشركات المحلية، لا سيما تلك المصدّرة والعاجزة عن تعزيز حركة العائدات كما يجب، على رغم التنافسية المرموقة للشركات السويسرية في الخارج. وأشار مراقبون سويسريون مشرفون على حركة تأسيس الشركات، إلى أن دولاً أخرى تنافس سويسرا لاستقطاب الشركات والمستثمرين الأجانب، على رأسها بريطانيا بفضل نظامها الضريبي الذي يقدم تسهيلات أكبر للشركات لإنشاء فروع لها. وثمة أسس معيارية من شأنها توطيد حركة تأسيس فروع للشركات الأجنبية في كل الدول، وهي الأمان الاستثماري ونوع اليد العاملة المحلية وكلفتها، فضلاً عن جاذبية النظام الضريبي والبنية التحتية للمواصلات والمستويين الثقافي والتعليمي. ولاحظ محللون تحركات مكثفة لعدد من الكانتونات لتسهيل القانون الضريبي لكل شركة أو رجل أعمال أجنبي. ففي كانتون «تيسين» الايطالي، جنوبسويسرا، قررت السلطات المالية إعفاء أي مشروع داخلي أم خارجي متعلق بتأسيس شركة، من الضرائب لخمس سنوات. ولا يمكن التغاضي عن تراجع طلبات تأسيس فروع للشركات الأجنبية، في كل الكانتونات السويسرية، من 350 إلى 250 في الشهور الأخيرة. ولكن على رغم ذلك، من غير المنطقي بعد أن تطلق سويسرا صفارة الإنذار، فصحيح أن الخسارة الناجمة عن تراجع حركة تأسيس الشركات الأجنبية تبلغ نحو 300 مليون فرنك سويسري (329 مليون دولار) سنوياً، ما يعني أن ما لا يقل عن ثلاثة آلاف وظيفة تم التخطيط لها لن تُبصر النور، ولكن أولوية حكومة برن تتمحور اليوم حول وقف هذا التراجع.