بعد طول انتظار، يفتتح «الحرج» أبوابه أمام جمهوره ومحبيه، وسيحظى أبناء بيروت ب «كزدورة « في ظلال أشجاره على مبدأ «شوفوني كل سنة مرة». سيكون لأطفال هذا الجيل فرصة لرؤية حرج مدينتهم وممارسة حقهم في اللعب، وسيعبق الحرج بأنغام الشعر والموسيقى والمسرح والغناء من خلال مهرجان «حرج بيروت 2013» الذي ينطلق اليوم ويستمر حتى 29 الجاري، برعاية بلدية المدينة وبالتعاون مع منطقة إيل دي فرانس وتنظيم جمعية السبيل. ربما كتب على أبناء مدينة بيروت ألا يزوروا حرجهم إلا في المناسبات والمهرجانات فيما تقفل أبوابه باقي أيام السنة. منذ ثلاث سنوات، يُقال إن «المهرجان تجربة ناجحة ومدخلاً لفتح الحرج أمام الجميع»، وما زالت هذه التجربة قيد الدراسة، وحتى اليوم ينتظر الناس بفارغ الصبر متى ستفتتح هذه الأبواب الموصدة ليتنفسوا هواء نظيفاً بعدما أطبقت المباني الإسمنتية على صدورهم وضاقت جميع المساحات الخضراء، على قلتها في بيروت، بهم وبأبنائهم. وتشير بشرى عيتاني مسؤولة لجنة الثقافة في بلدية بيروت إلى أن «العمل لا يزال جارياً على دراسة افتتاح الحرج للعموم، التي بدأت منذ ثمانية اشهر»، مضيفة أنه «حتى الآن لا موعد ثابتاً للافتتاح»، وتطمئن الناس أن «العمل جار على قدم وساق». وتتناول الدراسة تحويل الحرج إلى حديقة عامة مفتوحة في أوقات محددة وإقفالها في الليل مع إمكانية الحفاظ على المساحات الخضراء فيها ووضع أنظمة وقوانين لدخول الناس والحفاظ على النظافة وحمايتها من الحرائق وتفادي الاستخدام السيء للمكان والحفاظ على الثروة الشجرية في الحرج ووضع لائحة بالممنوعات وتنظيم المسارات الخاصة بالدراجات والمشاة والمناطق الخاصة للعب الأطفال وتحديد الأوقات المسموح بها الدخول إلى الحرج. وتقول عيتاني إن البلدية «تعمد إلى استخدام الحرج لتنظيم عدد من المهرجانات والفعاليات المميزة التي تجذب الجمهور وتكون تمهيداً لفتح الحرج بشكل نهائي أمام العموم». علي صباغ مسؤول الأنشطة الثقافية في جمعية السبيل يرى أن المهرجان «يتيح الفرصة للناس التي لا تملك القدرة المادية الكافية أن تستمتع بمهرجان ثقافي فني منوع بين أحضان هذه المحمية الطبيعية مجاناً». وجمعية السبيل هي الجهة التي تدير المكتبات العامة لبلدية بيروت، وبموجب اتفاقية سيتم تأسيس 12 مكتبة عامة في المدينة، كانت ثمرتها افتتاح 3 مكتبات، ويجري حالياً العمل على افتتاح الرابعة. ولا يستبعد صباغ إنشاء مكتبة عامة داخل حرج بيروت على غرار المكتبة التي افتتحت في حديقة اليسوعية ومن مشاريع الجمعية المستقبلية افتتاح مكتبة في حديقة الصنائع أيضاً. وحرصت إدارة المهرجان أن يكون البرنامج ثقافي ترفيهي عائلي منوع للصغار والكبار ويشجع الأطفال بالدرجة الأولى على قراءة القصص حيث أنها من الفقرات الثابتة طيلة أيام المهرجان، إضافة إلى عروض المهرج والسحر وألعاب الخفة مع سيرك لبنان. أما الافتتاح سيكون مع كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تسلاكيان، عبر تقديم أجمل الأغاني العربية التراثية المنوعة. ويتألف الكورال من 40 شاباً وفتاة يغنون الموسيقى بحناجرهم. تأسس الكورال في عام 2007 وحصل على الجائزة الأولى عن أفضل كورال في العالم وأفضل قائد كورال في مهرجان وارسو الدولي في بولندا للغناء الجماعي واليوم الفرقة مرشحة لجائزة المجلس الدولي للموسيقى التي ستقام في استراليا في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وفي اليوم الثاني للمهرجان سيستمتع الجمهور في أمسية الشعر والموسيقى مع الشاعر تميم البرغوثي والموسيقي مصطفى سعيد اللذان تميزا في تقديم أغان خاصة رصدت ثورات الربيع العربي وكان ثمرة تعاونهما أغنيتين «يا مصر هانت وبانت» و «منصورة يا مصر» والأغنية الثالثة ستكون مفاجأة مهرجان حرج بيروت حيث ستقدم للمرة الأولى وموضوعها سيكون عن علاقة الحاكم بالمحكوم. وفي 22 الجاري، ستلهب «مين» مسرح المهرجان على أنغام ال «بوب روك» والنصوص الساخرة، واستطاعت الفرقة منذ انطلاقتها (2006) أن تبدع في ألحانها الخاصة نوعاً من المزيج بين الموسيقى الغربية واللهجة اللبنانية، في أغنيات تستمد مواضيعها من واقع المجتمع. وسيقدم مسرح الدمى اللبناني المسرحية المعروفة «شو صار بكفر منخار» لكريم دكروب، وكما في كل سنة سيطيّر الأطفال طائراتهم الورقية التي ستعانق السماء مع سامي صايغ في «محترف طائرات من ورق». إلى ذلك تقدم مجموعة «كهربا» عرضين للدمى والرقص والفيديو الأول بعنوان «كان في عصفور عالشجرة» والثاني «سبعة وسبعة» بالتعاون مع دار قنبز. وتأسّست «كهربا» في عام 2006، وعلى رغم أن نصف مؤسسي المجموعة من الفرنسيين إلا أنهم نجحوا في إشعال الكهربا بالذاكرة اللبنانية. ويختتم المهرجان بحفلة غنائية تراثية مع الفنانة العراقية سحر طه وفرقتها الموسيقية وهي فنانة امتدت مسيرتها مع الغناء الصوفي على مدى أكثر من 12 سنة استحوذ خلالها هذا النوع من الغناء على مشاعرها وشكل ملاذها الأكثر أماناً.