و«دار القمر» على «عاصمة الأمراء» دير القمر، مقولة يتغنّى بها أهالي بلدة دير القمر الشوفية في جبل لبنان. ففضلا عن عبق التاريخ الذي نتنسّم رائحته على رحى طرقاتها الأثرية وبين مبانيها التراثية، يتمتع أهلها ومجلسها البلدي بدينامية لافتة وحرص تليد على تقديم بلدتهم ذات البيوت القرميدية بأبهى حللها كلّ صيف عبر إطلاق مهرجان «صيفيات دير القمر» منذ عقد ونيّف من الزمن. ولمناسبة الاحتفالية العاشرة لهذا المهرجان نشط المجلس البلدي رئاسة وأعضاء ولجنة المهرجانات، بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي لتقديم « صيفيات 2009». ومنذ أن تصل الى البلدة تشهد نشاطاً حثيثاً يتوزّع بين مقرّ البلدية والساحة الأثرية حيث المسرح والمعرض الحرفي، وصولا الى «المنشية» (الحديقة العامة) الواقعة على تخوم البلدة. ويعمل رئيس وأعضاء المجلس البلدي والمتطوعون من أبناء وشباب البلدة «كخلية نحل» لتقديم ما يليق ب «عاصمة الأمراء». بدأ المهرجان في تموز (يوليو) الماضي ليستمر حتى أيلول (سبتمبر) المقبل، متضمناً برنامجاً حافلاً بالنشاطات الفنية والثقافية والتراثية والتربوية والرياضية. واللافت في الفعاليات الحيّز الثقافي الكبير خصوصاً في ما يتعلّق بالطفل. وهناك محطة للمؤلفين المميّزين وأمراء القلم عبر معرض مميّز لأعمالهم بالتنسيق مع مؤسسة فؤاد أفرام البستاني وبإدارة الناشط ميشال خطار. ويحاول المنظمون زرع البسمة على وجوه الأطفال من خلال الأغاني والالعاب والرسوم المتحركة عبر عروض فرقة «كلووني تيون»، فضلاً عن مسرح الدمى بالفرنسية، وقراءات للأطفال في إطار نشاطات «بيروت عاصمة عالمية للكتاب 2009»، حيث تضافرت جهود مهرجانات دير القمر و«يونيسكو» ودار «شولاستيك» لتنظيم مهرجان صيفي للمطالعة في لبنان. وإضافة الى الأنشطة وتوزيع الجوائز، يقام معرض لكتاب الطفل يضم قرابة 7000 كتاب ويستمتع الجميع بالقراءة تحت ضوء القمر مع الناشطات التربويات رانيا زغير ونسرين عجيل ورويدا الغالي ورندا ابو الحسن. كما يلفتك تنظيم نزهة ثقافية عائلية تحمل النكهة التاريخية عبر سوق كتب الشباب الفرنسية - العربية، في سوق الحرير العتيق بالتعاون مع مكتبة «البرج» في بيروت، وتتضمن نشاطات للأطفال حول البيئة وكتاب «الحائط» مع ميّ العقيلي. كما تستقبل «المنشية» كلّ يوم أحد مسابقات مواهب الأطفال في الموسيقى والغناء والتقليد والأعمال الحرفية تحت رعاية رئيس المجلس البلدي فادي حنين الذي يتولى توزيع الجوائز والشهادات على المشاركين . واحتفاء بالسنوية العاشرة لمهرجانات دير القمر أقيم عرض سمعي - بصري يعيد تاريخ الأحداث الرئيسة لتشجيع المواهب التراثية اللبنانية. وأطلقت لجنة المهرجان المعرض السنوي التقليدي الذي يضم صناعات حرفية وتقليدية من البلدة ومن كلّ لبنان، في ساحة داني شمعون، وفيما نجح «الفرسان الأربعة» في احياء الفولكلور اللبناني وأغان ولوحات رحبانية لفيروز ووديع الصافي ونصري شمس الدين، استمتع الحضور بسوق الطيّب بمشاركة فنانين حيث اجتمع عدد من المنتجين لتقديم « طعام ووليمة» للحضور من نتاج أرضهم ومطابخهم وليتسابقوا في الطهي في ساحة البلدة .... وإذا خطرت على بالك لعبة «طاولة الزهر» يمكنك المشاركة مع احتساء فنجان قهوة عربية على إيقاع العود ورنة طاولة الزهر وخرير النارجيلة مع سهرة عامرة يحييها إبن دير القمر ميشال خطار. أما ما ينتظره المصطافون والسياح من عام الى عام، فهو عرض السيارات القديمة الكلاسيكية، حيث تتنافس على المنعطفات وتختال بين الناس في عرض فريد. ويبقى أن المهرجان يزخر بحفلات موسيقية وعروض مسرحية ودمى متحركة، وعرض أفلام للصغار والكبار. هذا عدا عن إفراد مساحة للفنانين التشكيليين تحت عنوان «كان يا مكان دير القمر». والجدير ذكره ان معظم النشاطات مجانية أو بأسعار زهيدة، ما يجعل دير القمر بحقّ قبلة الزوّار من لبنانيين وسياح عرب وأجانب.