على رغم أن «الرز الذهبيّ» Golden Rice المُعدّل وراثيّاً ليحمل أنواعاً من الفيتامينات، هو موضع فخر شركات الأغذية المُعدّلة جينيّاً، إلا أن هذا الأمر لم ينج من يد الاحتجاجات التي تتوالى عالميّاً على تلك الشركات. وجاء نموذج عن هذا الأمر أخيراً من الفيليبين، إذ عمل محتجّون ينتمون إلى مجموعتين مناهضتين للأغذية المُعدّلة وراثياً هما «كي أم بي» و»سيكوال»، على تخريب حقل مزروع ب «الرز الذهبيّ» المعدّل وراثياً في منطقة «بيكول» في الفيليبين. وبثّت قناة «جي أم إي» الإخبارية الفليبينية مشاهد لعشرات من الشبان، ذكوراً وإناثاً، يحطّمون سياجاً يحيط بحقل الرز. ثم يدخلون إليه. ويقتلعون جذوع تلك المزروعات. غضب علمي ولكن... عبّر إينغو بوتريكوس وهو اختصاصي في بيولوجيا النباتات تقاعد لتوّه بعد أن كان أحد الباحثين الذين عملوا على إنشاء هذه السلالة الجديدة من الرز، عن سخطه بالقول: «أنا أشعر بغضب كبير. كان مقرّراً حصاد الرز بعد بضعة أسابيع. ولو حدث ذلك، لجُمِعَت بيانات مهمّة من هذا الحقل التجريبي. إنّ هذا التحرّك الاحتجاجي يرجعنا شهوراً إلى الوراء». أنجِزَت الهندسة الوراثية ل «الرز الذهبيّ» بطريقة أدخلت إليه جينتين لا تحتويهما تركيبته الطبيعية. أتت الجينة الأولى من الجراثيم، والثانية من الذُرة. وتتشارك هاتان الجينتان في أنهما تُعطيان مادة «بيتا كاروتين» Beta Carotine التي تعتبر شكلاً أوليّاً لفيتامين «أ» Vitamin A، كما تمنح هذه الحبوب لوناً أصفر، جاء منه لقب «الرز الذهبيّ». ويأمل العلماء بأن يساهم انتشار هذا الرز المُعدّل وراثياً في تقليص النقص في فيتامين «أ»، وهو نقص يعتبر من أسباب العمى، بل يجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المُعدِية. وأشار «المعهد الدولي للبحوث حول الرز» أنّ قرابة 1.7 مليون طفل في الفيليبين، تتراوح أعمارهم بين 6 شهور و5 سنوات، يعانون من هذا النقص. وفي هذا السياق، لفت روبرت زيغلر، المدير العام ل «المعهد الدولي للبحوث حول الرز» إلى أنّ الحقل المُخرّب هو أحد الحقول التجريبية الخمسة ل «الرز الذهبيّ» في الفيليبين. وأشار إلى أن هذه الحقول تسعى إلى إثبات أنّ من الممكن زراعة هذا النوع من النباتات في الفليبين، وأنها ربما تعطي المزارعين محصولاً زراعيّاً كبير القيمة والحجم، إلى جانب تقويم الأثر البيئي لهذا النوع من الزراعة. ولفت زيغلر أيضاً إلى أن الحبوب التي تتأتى من هذه الحقول التجريبية، تستعمل في دراسات عن مدى امتصاص أجسام البشر لمادة «بيتا كاروتين» الموجودة في هذا الرز، وما إذا كانت تتحوّل إلى فيتامين «أ» لدى الأشخاص الذين يعانون نقصاً في هذا الفيتامين. وأوضح زيغلر أن السلطات الصحيّة في الفيليبين ربما صنّفت «الرز الذهبيّ» على أنه من المأكولات الآمنة في نهاية هذه السنة، لكن يجب الانتهاء من تجارب ربما تستغرق 18 شهراً إضافياً قبل أن تُصدر حكومة الفيليبين قرارها النهائي بشأن الموافقة على هذا المحصول. وأضاف زيغلر أنّ هذا هو السيناريو المتوقّع في حال عدم المساس بالحقول التجريبية الأخرى. وتدرس وزارة الزراعة في الفيليبين إمكان فرض حراسة أمنية على الحقول التجريبية لهذا النوع من الرز. كما رأى زيغلر أنّ المُخرّبين يهاجمون بشكل غير عادل مشروع القطاع العام وكأنّ شركة متعدّدة الجنسيات تنتج نباتات معدّلة وراثياً بهدف الحصول على أرباح لها، مشيراً إلى وجود أحكام مُسبّقة لدى المحتجّين عن المزروعات المُعدّلة وراثيّاً.