لمع اسم الممثل الفرنسي من أصول تونسية سامي بوعجيلة، في أفلام عدة على مدار السنوات العشر الأخيرة بعدما نال جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي عن دوره في فيلم «محليون» للمخرج رشيد بوشارب، واستحق الترشيح لجائزة «سيزار» أيضاً كأفضل ممثل بفضل أسلوبه المتميز في أداء شخصية قاتل مزعوم في فيلم «عمر قتلني» لرشدي زم والمستوحى من حدث حقيقي. ووافق بوعجيلة (47 سنة) أخيراً على العرض الذي قدمته إليه المخرجة كاترين شوب بأداء الدور الرئيس في مسرحية «الحلبة» المأخوذة عن نص للمؤلفة ليونور كونفينو يتناول مجموعة من المواقف اليومية بين الرجل والمرأة، أو بين آدم وحواء على حد قول كونفينو. ويمكن تلخيص مضمون المسرحية في 18 مشهداً يروي كل واحد منها شريحة من شرائح الحياة المشتركة بين زوجين ولكن أيضاً بين أم وابنها وبين أب وابنته وبين أخت وأخيها وغير ذلك من الأمثلة طالما أن الأحداث تدور بين امرأة ورجل، وتسلط الضوء على الفوارق الجذرية بين الجنسين وما يترتب على ذلك من سوء فهم ومشاكل وانفصال بل وجرائم أحياناً، اضافة إلى وفاق وود ومحبة وإخلاص ودفء إنساني. وأرادت المؤلفة أن تبرهن على رغم كل الفوارق بين الرجل والمرأة، أنهما يعثران في النهاية دائماً على المبرر الذي يدفع بهما إلى البقاء معاً لأنها سنة الحياة. والنص مكتوب بطريقة لا تترك مجالاً للمشاهد بالتنفس أو بالاسترخاء، بل تبقى أعصابه مشدودة منذ المشهد الافتتاحي وحتى إسدال الستار، مندمجاً مع الشخصيات والأحداث التي تعيشها والظروف التي تدفع بها إلى التصرف بأسلوب محدد فضلاً عن سواه. صدور الحكم وتعتبر مسرحية «الحلبة» الأولى التي يشارك فيها بوعجيلة بعدما بنى نجوميته على أدواره في السينما، ما يعتبر بمثابة تحد بما أن معجبيه سيترددون إلى المسرح متوقعين من نجمهم المفضل الأداء ذاته. إلا أن العمل فوق الخشبة يتميز باختلاف جذري بالنسبة إلى مثيله أمام الكاميرا، وسيكون الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل وهو تاريخ افتتاح العرض فوق مسرح «بيتي سان مارتان»، هو أيضاً يوم صدور الحكم على سامي بوعجيلة كفنان مسرحي، الأمر الذي لا يخيف المخرجة كاترين شوب التي تقول إنها واثقة من قدرات سامي بوعجيلة ومن موهبته خصوصاً بعدما لاحظت فيه عن طريق التدريبات اليومية، رغبة ملحة في اقتحام ميدان المسرح من الباب العريض وبواسطة دور صعب لا يقبل الخطأ. وتضيف شوب أن بوعجيلة يتدرب جسدياً يومياً، حاله حال أي بطل رياضي قبل الدخول إلى مسابقة ما، من أجل التمتع بالليونة الضرورية طوال ساعة ونصف الساعة في كل ليلة، خصوصاً أن هذه المسرحية تشبه مباراة في الملاكمة تحل فيها الكلمات مكان الضربات، الشيء الذي لا يمنع آدم وحواء من اللف والدوران من حول بعضهما بعضاً تماماً مثل الملاكمين فوق الحلبة، وهذا ما يفسر عنوان المسرحية. وتؤدي شخصية حواء النجمة أودري دانا المعتادة الظهور في أفلام ومسرحيات على السواء. واختارت المخرجة شوب استخدام أقل قدر ممكن من الديكور فوق الخشبة والاكتفاء بجدران بيضاء ومقعدين وطاولة صغيرة، مقتنعة بأن موهبة الممثلين تكفي لجذب انتباه المشاهد ورافضة أن يطغى أي عنصر خارجي على كيان بوعجيلة ودانا الفني.