استأنف مسؤولو منطقة اليورو أمس نشاطهم بعد العطلة الصيفية، في أجواء هادئة حتى ولو كان عليهم الانكباب سريعاً جداً على ملفات حساسة وضعت جانباً حتى الانتخابات الألمانية. وفي الاجتماع الأول لهم منذ الصيف، سيكون على وزراء مال دول منطقة اليورو جس نبض دول الاتحاد النقدي، خصوصاً مع إجراءات مساعدة جديدة ستكون ضرورية لعدد من هذه الدول في مقدمها اليونان. وكما كان متوقعاً وافق الوزراء على منح قبرص قسطاً جديداً بقيمة 1.5 بليون يورو من أصل عشرة بلايين تقرّر منحها لها. وأعلن الوزراء في بيان، أن هذا المبلغ «سيدفع نهاية الشهر الجاري، بعدما أعطت الآلية الأوروبية للاستقرار صندوق دعم منطقة اليورو الضوء الأخضر لذلك». وكان مسؤول أوروبي أكد أول من أمس، أن «كل المؤشرات إيجابية»، معتمداً في ذلك على رأي «ترويكا» المانحين لقبرص (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي). وباستثناء ذلك، يُستبعد صدور أي إعلان مهم آخر عن الاجتماع نظراً إلى قرب الانتخابات في ألمانيا (22 الجاري)، إذ تكون الملفات المرتبطة بإدارة الأزمات حساسة سياسياً، لأن ألمانيا هي أكبر مساهم في خطط الإنقاذ المختلفة لدول منطقة اليورو منذ أربع سنوات. وعلى رغم ملفات ساخنة كثيرة، سينكب الوزراء تحديداً على ملف سلوفينيا التي تعاني صعوبات بسبب قطاعها المصرفي الرازح تحت عبء الديون الهالكة البالغة 7 بلايين يورو، استناداً إلى صندوق النقد الدولي. واضطرت سلطات هذا البلد أخيراً إلى أن تتدخل لإنقاذ مصرفين خاصين صغيرين بمنحهما ضمانات حكومية، ما أثار تكهنات تحديداً في الصحف الألمانية حول حاجة سلوفينيا إلى مساعدة مالية. لكن وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله رأى أمس، أن سلوفينيا «يمكنها تفادي خطة إنقاذ في حال احترمت التزاماتها»، ما أكده نظيره السلوفيني يوروس كوفير، لافتاً إلى «توافر المال في حساباتنا، ونحن قادرون على الخروج من الأزمة بمفردنا». ومن المواضيع الأخرى المطروحة على أجندة الوزراء، إنهاء برنامجي المساعدة لإرلندا والبرتغال. إذ تأمل إرلندا وقبل العودة إلى الأسواق، في الإفادة من الإجراءات المصاحبة. ويمكن أن يُترجم ذلك خط ائتمان بالبلايين أو باللجوء إلى برنامج شراء سندات من البنك المركزي الأوروبي، لم يُستخدم حتى الآن. البرتغال وبالنسبة إلى البرتغال التي تسجل نهوضاً هشاً وتوتراً سياسياً، فإن الآفاق قاتمة ويصعب توقع عودة هذا البلد بالكامل إلى الأسواق اعتباراً من منتصف عام 2014. وطلبت لشبونة أول من أمس تحت الضغط من دائنيها تخفيف العبء عليها، من خلال مراجعة هدف تقليص العجز عام 2014. ورد رئيس مجلس وزراء مال دول منطقة اليورو يروين ديسلبلوم، قائلاً: «من المهم جداً التزام هذا البلد القرارات المتخذة في إطار البرنامج وهذا يشمل هدف تقليص العجز». وشدد على أهمية أن «يفهم العالم الخارجي احترام البرتغال تعهداتها، سواء كان الهدف أكبر أو أصغر». ويستكمل الوزراء البحث اليوم في الاتحاد المصرفي بعد موافقة البرلمان الأوروبي على دخول هذا الإجراء، الذي ينص على مراقبة موحدة للمصارف يتولاها البنك المركزي الأوروبي، حيز التنفيذ في خريف عام 2014. وقُدمت معلومات أمس عن درجة التقدم في هذا المشروع الذي يفصل بين الأزمات المصرفية وأزمات الديون. وقبل تنفيذ الاتحاد المصرفي يجب إجراء تقويم كامل لموجودات نحو 130 مصرفاً أوروبياً مطلع عام 2014. وسيحاول الوزراء التقدم أيضاً في إنجاز ركيزة أخرى للاتحاد المصرفي وهي آلية «التسوية» لتقرير مصير المصارف التي تعاني صعوبات في منطقة اليورو. ويثير هذا المشروع حفيظة ألمانيا، التي تعتبر أن وضعه الحالي غير متلائم مع المعاهدات الأوروبية. وفي الجوهر فإن برلين لا تؤيد صندوق تسوية مشتركاً، ما سيجبر المصارف الألمانية على تمويل حالات إفلاس أو خطط إنقاذ لبلدان أخرى. وأُعلن في نيقوسيا «الحصول على شروط أفضل لقرض بقيمة 2.5 بليون يورو (3.3 بليون دولار)، كانت موسكو منحته لنيقوسيا عام 2011. وأشارت وزارة المال القبرصية في بيان إلى أن الاتفاق الموقع في موسكو «يخفض نسب الفوائد ويطيل أمد التسديد. وتُترجم إعادة الجدولة التي سعت إليها قبرص في شكل كثيف بأرباح تصل إلى 160 مليون يورو (213 مليون دولار) حتى عام 2016. ووقع الاتفاق وزير المال القبرصي هاريس جورجيادس ونائب وزير المال الروسي سيرغي ستورشاك. وأوضحت وزارة المال القبرصية، أن «نسبة الفوائد السنوية للقرض الروسي ستُخفّض من 4.5 إلى 2.5 في المئة». واتُفق أيضاً على تقسيم المبالغ التي ستُسدّد إلى 8 دفعات كل ستة أشهر، بدءاً من عام 2016 بدلاً من دفعة واحدة خلال العام ذاته. ولفتت الوزارة إلى أن «الشروط المعدلة تترجم بأرباح مالية مباشرة لقبرص بحدود 160 مليون يورو حتى نهاية برنامج التقويم الاقتصادي، وبتحسين لجدول تسديد الديون العامة». وأعطت الحكومة الروسية نهاية آب (أغسطس) الماضي، موافقتها على شروط جديدة للقرض الممنوح لقبرص.