صادق وزراء المال في دول منطقة اليورو أمس على بنود خطة إنقاذ جمهورية قبرص التي يمكن أن تدخل حيز التنفيذ ما إن تتبناها برلمانات الدول، بحسب ما أعلن رئيس مجموعة اليورو (مجلس وزراء المال في المنطقة) يورون ديسلبلويم في مؤتمر صحافي في دبلن في ختام اجتماع للمجلس. وأضاف ديسلبلويم: «أشيد بالاتفاق الذي تحقق داخل الترويكا ويتلاءم مع البنود والأهداف الأساسية التي حددها مجلس وزراء مال منطقة اليورو». وأثنت المجموعة الأوروبية على السلطات القبرصية «للتصميم الذي أظهرته في تطبيق إجراءات مهمة في أطر زمنية ضيقة». وأعربت عن ثقتها بأن الإجراءات المحددة تتوافق مع «إجراءات الإصلاح الواردة في مذكرة التفاهم التي ستمكن الاقتصاد القبرصي من العودة إلى مسار مستديم بالاستناد إلى مالية عامة سليمة ونمو متوازن واستقرار مالي». وفي نيقوسيا أعلن الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس أنه سيطلب «مساعدة إضافية» من الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنه سبق وقدم طلباً بهذا الاتجاه إلى المفوضية الأوروبية. وقال: «هذا هو الواقع. السبب الرئيس وراء الاتصال هو سعينا إلى تحقيق أفضل ما هو ممكن في الظروف الراهنة». لكن دبلوماسياً قبرصياً أوضح لوكالة «فرانس برس» بالقول: «لسنا نطلب أموالاً إضافية بل مساعدة من فريق المفوضية الأوروبية في تخفيف الشروط في مقابل الحصول على المساعدة. وشدد الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن سايبرت في برلين، على أن قيمة المساعدة المالية لقبرص والبالغة 10 بلايين يورو «لن تتغير، ولو أن حاجات البلاد ازدادت»، مؤكداً أن قيمة المساعدة «مرتفعة جداً أصلاً». اجتماع دبلن واجتمع الوزراء ال 17 منذ الصباح في دبلن للتباحث في الإجراءات التي يجب أن تطبقها نيقوسيا للحصول على مساعدة بقيمة 10 بلايين يورو وعلى دفعة أولى بقيمة 75 مليون اعتباراً من مطلع أيار (مايو) لتسديد رواتب الموظفين الحكوميين. وسيتعين على قبرص التي مثلها في دبلن وزير مالها الجديد هاريس جورجيادس، أن تؤمن ما مجمله 13 بليون يورو، أي أكثر بستة بلايين مما كان مقرراً أصلاً لقاء الحصول على قرض الترويكا (المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي). وسيأتي معظم هذا المبلغ من إعادة هيكلة المصارف التي تشمل اقتطاعات من كبار الدائنين بمن فيهم مودعو أكثر من 100 ألف يورو، ما يعني تأمين 10.6 بلايين يورو بدلاً من 5.8 بلايين أعلنت في البداية. وأثار هذا الإجراء جدلاً لأنها المرة الأولى التي يطالَب فيه بعض المودعين بالمساهمة في إطار خطة مساعدة من ضمن منطقة اليورو. أما باقي المبلغ فسيأتي خصوصاً من عمليات تخصيص تصل قيمتها إلى بليون يورو وإعادة تمويل ديون سابقة يرجَّح أن تدر المبلغ ذاته. ومن المقرر رفع الضرائب، ما سيحقق 600 مليون يورو، إلى جانب بيع لفائض احتياط الذهب يتوقَّع أن يؤمّن 400 مليون يورو وخفض عدد موظفي القطاع العام. وأبدى وزير المال الألماني وولفغانغ شيوبله التفاؤل منذ صباح أمس، إذ قال: «أعتقد أننا سنحصل على نتيجة سيقرها البرلمان الألماني». وأعلنت قبرص عن تخفيف إجراءات تقييد رؤوس الأموال التي تقررت في إطار خطة الإنقاذ ورفعت القيود عن التحويلات المالية التي تقل عن 300 ألف يورو، فيما أكدت وزارة المال إبقاء القيود التي تحد المبالغ التي يمكن سحبها نقدياً في المصارف وآلات النقود بمبلغ 300 يورو يومياً، لسبعة أيام إضافية على الأقل. ووجه رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي رسالة إلى أناستاسياديس تطلب منه «عدم الضغط» على المصرف المركزي القبرصي. وأكد مصدر ل «فرانس برس» أن الرسالة «تطالب باحترام استقلالية المصرف المركزي القبرصي وعدم الضغط» على حاكمه بانيكوس ديمتريادس. وأكد الرئيس القبرصي أنه سيرد على الرسالة ليوضح لدراغي أن التحقيق المقرر حول نشاطات الحاكم منذ تولى منصبه في أيار (مايو) 2012، لا تعني إقالته من منصبه على ما تناقلت الصحف. الوضع في البرتغال وارلندا وعلاوة على الملف القبرصي، نظر وزراء مالية منطقة اليورو في الوضع في البرتغال بعد رفض المحكمة الدستورية عدداً من إجراءات التقشف المدرجة من ضمن موازنة 2013. ويحول قرار المحكمة دون تمكن الحكومة من توفير ما مجمله 1.3 بليون يورو كما يعرقل التزامها خفض العجز إلى 5.5 في المئة بحلول أواخر 2013. وليس أمام لشبونة من خيار سوى التوصل إلى إجراءات جديدة للوفاء بالتزاماتها لكن الوضع بات معقداً أمام الأوروبيين الذين أعربوا عن استعدادهم لتمديد مهل القروض التي أعطيت للبرتغال ولإرلندا من اجل تشجيع عودتهما إلى الأسواق. ومددت الجهات الدائنة القروض الممنوحة إلى هذين البلدين سبع سنوات، بعدما طلبا في البدء التمديد ل 15 سنة بحسب وثيقة عمل طرحت على وزراء مال مجموعة اليورو. وقدمت الحكومة البرتغالية أمس «ضمانات» لشركائها الأوروبيين حول احترام التزاماتها في شأن الموازنة. واقر الناطق باسم الحكومة أول من أمس بأن «ثقة شركائنا تتوقف على ذلك». وعلى هامش اجتماع دبلن، التقى وزير مال سلوفينيا الجديد أوروس كوفر مسؤولين بارزين في المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي للتباحث في الوضع في بلاده التي تعاني من تراجع القطاع المصرفي. ويرى مراقبون أن سلوفينيا يمكن أن تحتاج أيضاً إلى مساعدة مالية على غرار قبرص. وعرض كوفر خلال الاجتماع خطة حكومة بلاده لتنشيط القطاع المصرفي وإصلاح النظام المالي العام.