تعدّدت اقتراحات الحلّ البديلة من خطة الإنقاذ الأوروبية التي طرحتها قبرص أمس، بعدما رفض المجلس النيابي الخطة، لاقتطاعها مبالغ كبيرة من الودائع في المصارف. وأشار مصدر أوروبي لوكالة «فرانس برس»، بأن وزراء مال منطقة اليورو سيجتمعون سريعاً في حال قدمت قبرص اقتراحات ملموسة لتعديل الخطة. وأخذت منطقة اليورو مساء أول من أمس علماً برفض البرلمان هذه الخطة، في وقت حذّر وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، من حلول «غير مسؤولة». فيما أكد رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلويم، استعدادها ل «مساعدة قبرص في جهودها للإصلاح». وجدّد اقتراح المجموعة المقدم الاثنين الماضي، والقاضي بعدم فرض أي رسم على الودائع المصرفية دون المئة ألف يورو. وعملت الأحزاب السياسية القبرصية أمس، على إيجاد بديل من خطة فرض ضريبة على الودائع المصرفية لجمع مبلغ 5.8 بليون يورو، مطلوبة في إطار خطة الإنقاذ بعدما رفضها البرلمان. واعتبر ديسلبلويم، أن الكرة «باتت في ملعب قبرص»، مشدداً على أن المساعدة الأوروبية «لن تتجاوز 10 بلايين يورو»، بينما تحتاج نيقوسيا 17 بليوناً لتسديد ديونها. وأسف لرفض البرلمان القبرصي الخطة. وسيعقد الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس الثلثاء المقبل اجتماعاً مع قادة الأحزاب لإيجاد حل للأزمة وتجنب الإفلاس، في وقت استمر إقفال المصارف أمس لمنع تدفق المودعين وحصول حال من الذعر أو سحب رؤوس أموال. وسيشارك في الاجتماع الذي يعقد في القصر الرئاسي في نيقوسيا رئيس البنك المركزي القبرصي بانيكوس ديميتريادس وعضو من الترويكا وفقاً للتلفزيون الرسمي. ومن الخيارات المطروحة على الطاولة، تأميم صناديق التقاعد في مؤسسات الدولة وتلك التي تملك فيها الدولة النصف، ويمكن أن تؤمن ثلاثة بلايين يورو. ويوجد خيار آخر، يقضي بتقليص القطاع المصرفي مع احتمال دمج المصرفين الرئيسيين، اللذين يواجهان صعوبات بهدف خفض مبلغ الرسملة اللازم. ولفت التلفزيون الرسمي، إلى أن اناستاسيادس عرض هذين الاحتمالين على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، في محادثات أجراها على الهاتف مساء أول من أمس. وكُشف عن احتمال آخر يتمثل في تقديم الكنيسة الأرثوذكسية النافذة جداً في قبرص مساعدة، إذ أعلن رئيس أساقفة الكنيسة كريسوستوموس بعد لقاء مع اناستاسيادس، «استعداد الكنيسة لوضع أوقافها وأموالها في تصرف الدولة». وعلى صعيد الاتصالات الخارجية، واصل وزير المال القبرصي ميخاليس ساريس، محادثات في موسكو أمس مع نظيره الروسي انطون سيلوانوف. ووصف ساريس بداية المحادثات بأنها «جدية»، لافتاً إلى أنها «إيجابية صادقة ومنفتحة». ونقلت وكالة «انترفاكس» عن أحد المصادر، أن ساريس سيواصل المشاورات مع نائب رئيس الوزراء الأول ايغور شوفالوف. ويسعى إلى طلب إعادة جدولة القرض الذي قدمته روسيا لقبرص عام 2011، وقيمته 2.5 بليون يورو، والمفترض تسديده عام 2016 للتخفيف من الأعباء على الجزيرة. ورجّح خبراء، أن تتراوح خسائر المستثمرين الروس بما بين بليوني يورو و3 بلايين. فيما قدّرت وكالة «موديز»، أموال الشركات الروسية في قبرص بنحو 19 بليون دولار، يُضاف إليها 12 بليوناً إيداعات المصارف الروسية في مؤسسات قبرصية. فيما أشار خبراء الاقتصاد في مصرف «سبيربنك» الروسي العام، أن «تشكّل خسائر المستثمرين الروس 40 في المئة من مبلغ ال 5.8 بليون يورو». وندد البليونير ميخائيل بروخوروف، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية الروسية عام 2012، في مقال في صحيفة «فيدوموستي»، بشدة بما وصفه عملية «مصادرة». ودعا قبرص إلى «اعتبار روسيا مثابة شريك على المستوى ذاته كالاتحاد الأوروبي للخروج من الأزمة». وكشفت صحيفة «فيدوموستي»، أن البنك الروسي «غازبرومبانك» الذي تملك فيه شركة «غازبروم» 41 في المئة من أسهمه، عرض على نيقوسيا مساعدة مالية في مقابل امتيازات لإنتاج الغاز الطبيعي». المواقف الأوروبية وشددت المفوضية الأوروبية أمس، على ان تقدم نيقوسيا «حلاً يضمن قدرتها على تسديد الدين». وأكدت مركل، أن «من المهم سياسياً أن يكون لقبرص قطاع مصرفي قادر على الاستمرار في المستقبل، بالتالي عليه المساهمة في تحمل أعباء الدين». ومن فرنسا، اعتبرت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية نجاة فايو بلقاسم، أن خطة الإنقاذ «كما عرضت كانت غير صحيحة». وأوضحت أن «من حق الشعب القبرصي الاعتراض على فرض ديون على الودائع الصغيرة»، مشيرة إلى أن المشروع «كان مؤسفاً». لكن أشارت إلى أن فرنسا «دافعت» خلال اجتماع مجموعة اليورو، عن «الموقف القائم على فرض ضريبة على الودائع التي تتجاوز مئة الف يورو». وقالت «الكرة اليوم هي في الملعب القبرصي». وأعلن وزير الموازنة الفرنسي الجديد برنار كازنوف، أن الأزمة القبرصية «لا تهدد استقرار منطقة اليورو». وحضّ نيقوسيا على استئناف المفاوضات مع الجهات الدائنة بعد رفض البرلمان القبرصي خطة الإنقاذ. وأكد «عدم شعوره بالصدمة شخصياً، عندما طلبوا من عدد من الأثرياء الروس المستثمرين في قبرص التدخل للمساعدة على الخروج من المأزق». ورأى أن «المصارف القبرصية ليست من ضمن المصارف الأكثر شفافية في العالم»، لافتاً إلى أن «45 في المئة من السكان في قبرص هم من غير المقيمين، وأن جزءاً كبيراً منهم هم من الأثرياء الروس». وعلى رغم اقتراب قبرص من شفا الانهيار المالي، أكد نواب «العمل على التوصل إلى حلّ»، واعتبروا أنهم «حموا بذلك دولاً أوروبية أخرى، وطلبوا من الأصدقاء والحلفاء التضامن معهم. مركل: قبرص شريك والحل مهمة أوروبا أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أمس، أن من واجب الدول الأعضاء في منطقة اليورو العمل «لإيجاد حل» لأزمة قبرص. وقالت أمام صحافيين في برلين: قبرص شريكة لنا في منطقة اليورو لذلك من واجبنا أن نعمل معاً لإيجاد حل. وأعربت عن «أسفها لرفض البرلمان القبرصي الخطة قبل يوم لكننا نحترم قراره بطبيعة الحال»، مفضلة التطلع نحو المستقبل. وأضافت: «سنتابع المقترحات التي ستقدمها قبرص إلى الترويكا» أي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي، مذكرة بموقف مجموعة اليورو التي فضلت عدم فرض ضريبة على الودائع التي تقل عن مئة ألف يورو في المصارف القبرصية لقاء حصول قبرص على قرض بعشرة بلايين يورو. وتابعت: «من المهم سياسياً أن يكون لقبرص قطاع مصرفي قادر على الاستمرار في المستقبل»، بعد جلسة استماع أمام اللجنة البرلمانية الألمانية المكلفة الشؤون الأوروبية. وأضافت: «على القطاع المصرفي أن يساهم في تحمل أعباء الدين».