تبدأ منطقة اليورو السنة الجديدة بملف مساعدة قبرص المعقّد. لكن مسؤولين أوروبيين اعتبروا أن اتخاذ قرار في نهاية الشهر الجاري، هو «أمر مستحيل»، إذ رأوا أن «حاجات قبرص غير معروفة في شكل واضح والجدول الزمني السياسي غير ملائم». وأجرى وزير المال القبرصي فاسوس شيارلي، محادثات مع دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي أمس، لوضع الشروط الممكنة لصفقة الإنقاذ التي توازي قيمتها عائدات عام كامل لاقتصاد الجزيرة الصغيرة. وكان المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، أيّدا في نهاية عام 2012، «اتخاذ قرار قبل اجتماع وزراء مال منطقة اليورو المقرر في 21 الجاري». واعتبر ديبلوماسي أوروبي، أن هذا الاجتماع «لن يكون حاسماً» في شأن مساعدة قبرص، موضحاً أن الأمر «يحتاج إلى اجتماعات للتوصل إلى نتيجة». واستبعد آخر في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، اتخاذ القرار في شباط (فبراير) المقبل أيضاً، فيما تحدث مسؤول ثالث عن احتمال «الحاجة إلى أشهر لتسوية الملف». وطلبت قبرص، التي تأثر قطاعها المالي بارتباط مصارفها بالديون اليونانية، خطة إنقاذ في حزيران (يونيو) الماضي، وتواصل مفاوضاتها مع الترويكا المؤلفة من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي. وأكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، «عدم وضع أي شروط استثنائية من شركائها الأوروبيين لصفقة إنقاذ قبرص البالغة قيمتها 17 بليون يورو (22 بليون دولار)». وقالت بعد محادثات مع رئيس الوزراء المالطي لورانس غونزي: «اتفقنا على عدم وضع شروط خاصة لقبرص، لدينا قواعد مقبولة عموماً في أوروبا ولا تزال الطريق طويلة لاستكمال المفاوضات». وقدرت قبرص حاجاتها ب 17 بليون يورو على مدى أربع سنوات، بينها عشرة بلايين لإعادة تمويل مصارفها. ومن أولى مهمات الوزراء تقويم الحاجات المالية الحقيقية للجزيرة، إذ إن مساعدة قيمتها 17 بليون يورو تعادل الناتج الداخلي للبلاد، ما يعني احتمال وصول الدين إلى 200 في المئة من الناتج الداخلي وهذا «لا يمكن احتماله». وفي المقابل «إذا كانت الحاجات تبلغ فعلياً 10 بلايين يورو فهذا يحدث فرقاً». والطابع الملح لهذه المساعدة مطروح للمناقشة أيضاً، وفق المصدر الذي لفت إلى أن السلطات القبرصية أعلنت عدم صمودها مالياً إلى ما بعد عام 2012، لكنها تحدثت بعد ذلك عن آذار (مارس) المقبل. وأشار الديبلوماسي إلى وجود أسئلة أخرى مطروحة، لافتاً إلى أن من «بين عناصر الملف القبرصي هناك القطاع المصرفي الذي يمثل 800 في المئة من الناتج الداخلي، إضافة الى بعد روسي وبعد تبييض الأموال». وأوضح الثاني أن «السيناريو يشبه ما طبق في أيسلندا»، لأن الأمر يتعلق «ببلد صغير تمثل فيه المراكز المالية الأوف شور، أضعاف الناتج الداخلي». وتقيم قبرص علاقات اقتصادية وثقافية وثيقة مع روسيا التي منحتها قرضاً بقيمة 2.5 بليون يورو عام 2012، وطلبت الجزيرة خمسة بلايين إضافية، لكن يبدو أن موسكو لم تهب لنجدتها. أما بالنسبة إلى مشكلة تبييض الأموال، رأى المسؤولون ضرورة «إيجاد حل يمر في تعهدات من جانب الحكومة القبرصية». ولفت أحدهم إلى الفترة الانتخابية التي تشهدها الجزيرة حالياً إذ سيُنظم الاقتراع الرئاسي في قبرص في شباط المقبل. واعتبر مسؤولون أوروبيون، أن من الأفضل انتظار نتيجة الاقتراع. وتحاول الترويكا التفاوض في شأن عمليات تخصيص يعارضها الرئيس الحالي ديمتريس خريستوفياس. وفي نيقوسيا، أعلن الناطق باسم الحكومة ستيفانوس ستيفانو أمام الصحافيين، أن قبرص «اتهمت مراراً بأنها جنة ضريبية يجري فيها تبييض الأموال». لكن «دافعنا عن موقفنا وقدمنا وثائق أمام منظمات مثل مجلس أوروبا، منحت قبرص تصنيفاً جيداً جداً لتبنيها القانون الدولي والأوروبي وتطبيقه». وبدأت قبرص تطبيق إجراءات تقشف صارمة لتلبية طلب الجهات الدولية الدائنة وحققت اقتطاعات ومدخرات بقيمة بليون دولار. وصادق البرلمان على خفض رواتب موظفي القطاع العام وتجميد زيادة غلاء المعيشة حتى عام 2016، وزيادة الضرائب على السجائر والبنزين.