بخلاف ما أراده منفذو «جريمة الأحساء»، تسامت اللُحمة الوطنية وطغت «رائحة العيش والملح» بين السعوديين، لتطرد بقايا البارود ولتغسل دماء الابرياء التي سالت على أرض قرية الدالوة بمحافظة الأحساء. وطرد السعوديون عبر تغريدات أطلقوها عبر حساباتهم في «تويتر»، غبار «التفرقة الطائفية»، راسمين لوحة من لوحات «الجسد الواحد». وتسابق أهل الأحساء، وسعوديون من كل المناطق، بكل أطيافهم ومذاهبهم على تقديم العزاء لذوي الضحايا، واكتست الوجوه سنيّة وشيعية بالحزن ولبست ثوب المصاب. ولأن بعض المصائب تحمل في طياتها ألماً وأملاً، أتت هذه الحادثة لتتحد صفوف أهالي الأحساء، منادين بنبذ الفرقة، مشيرين إلى أن «الأحساء بأهاليها كانت وما زالت وستظل منارة للتعايش المذهبي المسالم». الحادثة أحالت مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر، وفيسبوك، وانستقرام) إلى ميدان تبارى فيه السعوديون لتقديم العزاء في مصابهم، وذكر قصص التآخي. وقال محمد الحاجي: «عندما نتكلم عن الأحساء، فنحن نتكلم عن سني يتلذذ التمر عند جاره الشيعي، وعن شيعي يأتمن مفاتيح مزرعته لدى صديقه السني، هذه الأحساء». فيما أنشأت مجموعة من الشباب «هاشتاقاً» (وسماً) بعنوان: #الأحساء متحدة ضد الفتنة». وكتب فيه محمد الشهري: «الأحساء تذكرني بالعراق سابقاً، حيث الجار لا يعرف مذهب جاره، ولا يهمه أساساً». فيما قال عثمان القحطاني: «أنا سني ومن الأحساء وأقول بكل ثقة إن من حاول زعزعة أهل الأحساء، سنة وشيعة، فهو جاهل بالنسيج الاجتماعي. فنحن هنا أكثر من إخوة، وفي المجموعة الواحدة من الأصحاب تجد من هنا ومن هناك، بل نخجل أن نقول نحن وأنتم، فكلنا سعوديون». وكتب رئيس نادي الفتح المهندس عبدالعزيز العفالق: «الله يجبر مصاب أهل الأحساء، ففي هذه الأوقات نرى المعدن الأصيل لأهل الحسا، من تضامن وتكاتف، وهذا ما عهدناه دائماً». وكتب رئيس تحرير «الشرق الاوسط» الزميل سلمان الدوسري: «تاريخياً، أهالي الأحساء وقفوا ضد الفتن وأثبتوا بصيرتهم منذ زمن. لن تستطيع جريمة، مهما بلغت، سلبهم حكمتهم. فاطمئنوا». كما كتب رئيس تحرير صحيفة «الرؤية» الإماراتية الزميل محمد التونسي: «لا النخل شيعي هنا... كلا ولا الينبوع سني... فأنا من الأحساء جئت... وجاءت الأحساء مني». ودون الدكتور خالد الحليبي: «ما حدث في قرية الدالوة جريمة يجب استنكارها، فاللهم رد كيد كل ذي فتنة في نحره». ورأى أحمد النعيم أن «كثرة التغريدات المستنكرة لحادثة إطلاق النار تدل على تماسك هذا المجتمع الراقي في لحمته». وتداول المغردون أبياتاً كتبها الدكتور محمد الدوغان، قال فيها: «يا مشعل النار في أحسائنا حسداً... خابت نواياك يا جرثومة الفتن... أما وجدت سوى الأحساء تشعلها... حقداً فشلت يد الجاني على وطني»، ليكتب الفنان ميثم الرزق: «وهل نلام نحن الشيعة في حبنا لسنة الأحساء، وهم أول المواسين وأول الشاجبين لحادثة إطلاق النار في قرية الدالوة»، لتنعكس آثار هذه الحادثة إيجاباً لتصبح خيطاً يزيد من تماسك نسيج الثوب الحساوي، بدلاً من أن تكون مقصاً لرتق ثوب التلاحم.