نقلت وسائل إعلام أميركية وغربية أمس، عن وثائق سربها المستشار السابق في الاستخبارات الأميركية ادوارد سنودن أن وكالات الاستخبارات الأميركية والبريطانية تملك القدرة على اختراق القسم الأكبر من أنظمة التشفير الالكترونية، سواء لكشف الرسائل الالكترونية أو المعاملات المصرفية، وذلك في وقت حاول فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما ترميم علاقة بلاده بدولتين حليفتين هما: البرازيل والمكسيك والتي تضررت بشدة جراء فضيحة التجسس على رئيسيهما. وكتبت صحيفة ال «غارديان» البريطانية التي نقلت هذه المعلومات المسربة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية وموقع «بروبوبليكا» أن وكالة الأمن القومي الأميركي و «مركز اتصالات الحكومة» وهي الوكالة البريطانية الموازية لها، «أضرت إلى حد بعيد بالضمانات التي تعطيها شركات الانترنت لزبائنها حول أمن اتصالاتهم». وعلى رغم تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بالشفافية بشأن برامج المراقبة، فإن كشف هذه المعلومات أول من أمس، عكس صورة منظمة واسعة النفوذ ذات قدرات غير محدودة على النفاذ الى الحياة الخاصة. وتخضع الاتصالات الالكترونية، أكانت رسائل بريدية أو دردشات او معاملات مصرفية او بيانات طبية، لتشفير تلقائي. وبحسب الوثائق، فإن «وكالة الأمن القومي» و «مركز اتصالات الحكومة» تمكنتا من الحصول على «مفاتيح» مختلف أنظمة التشفير بواسطة أجهزة كومبيوتر فائقة التطور وتعاون شركات الانترنت ولو بواسطة أوامر قضائية أحياناً. والواقع أن «فك الشيفرة» هو المهمة الاولى لوكالة الأمن القومي التي أُنشئت عام 1952 وكُلفت اعتراض الاتصالات الالكترونية. وتابعت الوثيقة: «إنه الثمن الواجب دفعه حتى تبقي الولاياتالمتحدة على إمكانية النفاذ الى الفضاء الالكتروني واستخدامه من دون قيود». وأوردت ال «غارديان» أن وكالتيّ الاستخبارات الأميركية والبريطانية أقامتا «شراكات سرية» مع شركات التكنولوجيا ومزودي الانترنت أتاحت إدخال «نقاط خلل سرية - تعرف بالابواب الخلفية - داخل برمجيات التشفير التجارية». وذكرت الصحيفة البريطانية أن وكالة الأمن القومي أنفقت 250 مليون دولار في السنة على برنامج يطبق بالتعاون مع شركات التكنولوجيا من أجل «التأثير بشكل خفي» على تصميم منتجاتها. ولم توضح التقارير ما اذا كانت الشركات تعاونت مع وكالات الاستخبارات لكنها أوحت بأن وكالة الاستخبارات البريطانية تمكنت من الوصول إلى حسابات المستخدمين على مواقع «هوتميل» و «غوغل» و «ياهو» و «فايسبوك». وبحسب الوثائق، فإن هذا البرنامج السري المعروف باسم «بولران» يسمح بفك رموز كل ما هو مشفر على الانترنت، سواء الدردشات والرسائل الالكترونية أو الاتصالات الهاتفية مروراً بالأسرار التجارية أو حتى الملفات الطبية. وذكرت «نيويورك تايمز» و «بروبوبليكا» أن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية طلبوا منهما عدم نشر هذه المعلومات خشية أن تحمل كيانات مستهدفة بهذا البرنامج إلى تبديل أنظمة الترميز أو طرق اتصالاتهم. في غضون ذلك، اجتمعت أوباما بنظيرته البرازيلية ديلما روسيف على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في روسيا. وبحث الرئيسان عمليات التنصت المزعوم من وكالة الأمن القومي الأميركي على اتصالات روسيف الخاصة. وكانت روسيف التي غضبت لتجسس وكالة الأمن القومي المزعوم على اتصالاتها ورسائلها الالكترونية ألغت هذا الأسبوع زيارة كان من المقرر أن يقوم بها وفد رفيع إلى الولاياتالمتحدة للإعداد لزيارة دولة تقوم بها لواشنطن. وقال مسؤول برازيلي كبير إن روسيف ربما تلغي الزيارة ما لم تتلق اعتذاراً رسمياً من الولاياتالمتحدة عن التجسس لمزعوم. وفي سياق متصل، أعلن الرئيس المكسيكي انريكي بينا نييتو أول من أمس، أن أوباما وعده بإجراء تحقيق حول الاتهامات التي طاولت الأجهزة الأميركية بالتجسس عليه خلال حملته الرئاسية عام 2012. وقال الرئيس المكسيكي بعد محادثات هاتفية مع اوباما أن «الحكومة المكسيكية أعلنت بوضوح أنه يجب أن يكون هناك تحقيق ويجب أن تُفرض عقوبات في حال حصلت ممارسات تتنافى مع الاتفاقات الدولية والقوانين». وأضاف في مقابلة مع التفلزيون الروسي «روسيا اليوم» على هامش قمة مجموعة العشرين: «تلقيت تعهداً من الرئيس أوباما بأن هذا التحقيق سيُفتح وأنه سيصل بالتأكيد إلى تسليط الضوء على هذه الأمور».