يصل رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت إلى الخرطوم اليوم في زيارة يرجح أن تشهد «صفقات سياسية» تفتح صفحة جديدة في علاقات الدولتين تنهي التوتر المرافق لها، منذ انفصال الجنوب عن الشمال قبل أكثر من عامين. وتأمل الخرطوم بأن تؤدي زيارة سلفاكير إلى تسريع خطى تنفيذ اتفاقات التعاون وتسوية القضايا العالقة، بما يؤسس لعلاقة استراتيجية بين البلدين وتحقيق الاستقرار لشعبيهما. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن الرئيس السوداني عمر البشير وضيفه سلفاكير يتجهان إلى عقد «صفقات وتفاهمات سرية وعلنية» تهدئ النزاع على منطقة أبيي، بإقرار خطوات انتقالية إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي، وتسوية الخلافات على ست نقاط حدودية، إضافة إلى ملفات النفط والأمن والمواطنة. ومن أبرز الملفات التي تشغل الخرطوم ضمان وقف دولة الجنوب دعم تحالف متمردي «الجبهة الثورية» التي تتألف من «الحركة الشعبية - الشمال» وفصائل التمرد الرئيسية الثلاثة في دارفور، خصوصاً أن زيارة سلفاكير تأتي قبل 72 ساعة على موعد انقضاء مهلة حددها السودان لوقف نقل النفط من جنوب السودان عبر أراضيه بعدما مددت الخرطوم المهلة مرتين ورهنت استمرار ضخ النفط بوقف دعم جوبا المتمردين. ويتوقع مراقبون أن يتفق البشير وسلفاكير على وقف متبادل لدعم المتمردين المناهضين لنظاميهما، بعدما لعب الرئيس الجنوبي دوراً في التوصل إلى تسوية بين الخرطوم والمتمردين الذين يقاتلون في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ حزيران (يونيو) 2011، ما يدفع المتمردين على جانبي الحدود إلى الانضمام إلى عملية السلام. وتأتي زيارة سلفاكير إلى الخرطوم، وهي الثانية له بعد انفصال الجنوب عن الشمال في تموز (يوليو»)2011، بعد أسابيع على توطيد حكمه بإقالة نائبه رياك مشار وحل حكومته وتعيين حكومة جديدة وإقالة ضباط كبار في الجيش. ويعتقد أن سلفاكير نجح في إزاحة جماعة ضغط قوية كانت تقف أمام التفاهم بين الخرطوموجوبا عبر دعمها حلفاءها من المتمردين على حكم البشير لتغييره وإحلال «حلفاء» مكانه. ويرى خبراء أن الضغوط الإقليمية والدولية ستدفع السودان وجنوب السودان إلى هدنة تضمن استقراراً نسبياً لاقتصاديهما المنهكين، وعدم انزلاقهما إلى «حرب باردة» يمكن أن تتحول إلى مواجهات مفتوحة تهدد بتحولهما إلى دولتين فاشلتين، خصوصاً أن حدودهما التي تمتد لأكثر من ألفي كيلومتر يصعب حراستها، ولكن يسهل ضمان استقرارها عبر شبكة مصالح مشتركة. وكان مجلس الأمن دعا الأسبوع الماضي البلدين إلى بذل مزيد من الجهود لتنفيذ تسعة اتفاقات أمنية واقتصادية موقعة بينهما بوساطة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية في 27 أيلول (سبتمبر) الماضي التي جمدتها الخرطوم في حزيران الماضي رداً على استمرار دعم جوبا المتمردين الشماليين.