تصاعدت في مصر وتيرة الهجمات المسلحة على المكامن الأمنية في محافظات عدة بالتزامن مع تنفيذ مسلحين «عمليات نوعية» استهدفت مرافق إستراتيجية مثل المجرى الملاحي لقناة السويس، فيما شددت القوات المسلحة من إجراءاتها الأمنية في سيناء بعد توقيف القيادي الجهادي عادل حبارة الذي قالت مصادر أمنية إنه «مؤسس تنظيم القاعدة» في شبه جزيرة سيناء، وسط حملة دهم ونسف لمنازل قرب الحدود الشرقية لتدمير الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة. وفيما زادت وتيرة العمليات المسلحة، قالت جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي، إنها ستواصل «تظاهراتها السلمية». وكثّفت من دعواتها لتنفيذ «عصيان مدني». ودعا حزب «الحرية والعدالة»، ذراع الجماعة السياسية، إلى عدم دفع فواتير استهلاك المياه والكهرباء تنفيذاً لتلك الدعوات. وروّج الحزب لحملة تستهدف سحب الودائع من البنوك، وامتناع الموظفين عن العمل، وغلق المحلات التجارية يوم الأحد 22 أيلول (سبتمبر). وأصرت جماعة «الإخوان المسلمين» أيضاً على المضي في طريق الحشد، معتبرة أن «أعداداً غير مسبوقة» شاركت في تظاهرات «جمعة الحسم»، وأن الحشود في تلك التظاهرات كانت أكبر منها حتى أثناء ثورة 25 يناير، على رغم أنه كان واضحاً أن تلك التظاهرات لم تلق استجابة واسعة، ما أغرى الأهالي للتصدي لها وفضها بالقوة. وقالت الجماعة: «المصريون لن يخلدوا إلى راحة وإنما سيملأون الميادين والشوارع يومياً ويصعّدون من فعالياتهم السلمية وسيبتدعون وسائل سلمية جديدة حتى يتم استرداد الثورة». وكانت اشتباكات وقعت بين الأهالي ومسيرة لمؤيدي مرسي في منطقتين نائيتين في مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية مساء أول من أمس، جرح فيها عدد من المتظاهرين الذين طاردهم الأهالي في الشوارع الجانبية. ويبدو أن جماعة «الإخوان» بدأت تلجأ إلى التظاهر في الريف والمناطق النائية وداخل المدن بعدما فقدت القدرة على الحشد في العاصمة والميادين الكبرى في المحافظات. وبالتزامن مع ذلك، زادت وتيرة الهجمات التي تستهدف المكامن الأمنية في محافظات عدة، في نهج يُحاكي ما عكف عليه المسلحون في سيناء. ويقوم مسلحون يستقلون دراجات بخارية أو سيارات بإطلاق النار عشوائياً على الأكمنة أو المقرات الأمنية قبل أن يفروا هاربين. وقُتل شرطي ومواطن في استهداف مسلحين نقطة شرطة في منطقة النزهة (شرق القاهرة)، كما قُتل مجند في الجيش في محافظة بورسعيد في هجوم لمسلحين على نقطة عسكرية. وحاول أنصار مرسي مساء أول من أمس اقتحام مقر قوات الأمن المركزي في أسوان (جنوب مصر)، لكن القوات تصدت لهم بعدما أطلقت أعيرة نارية في الهواء وفرقت الحشود بقنابل الغاز المسيل للدموع. وأطلق مسلحون النار على مكمن لقوات الجيش في الطريق الدائري في محافظة القليوبية في الدلتا، وفروا هاربين. وأصيب مواطن تصادف مروره في المنطقة. كما أطلق مسلحان يستقلان دراجة بخارية النار صوب قوة أمنية مُكلفة حماية كنيسة في بورسعيد، فأصابوا 4 من أفرادها وفروا هاربين. وفي عملية نوعية، استهدف مسلحون سفينة أثناء عبورها المجرى الملاحي لقناة السويس، لكن لم يلحق بها أضرار. وقال الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس مساء أول من أمس إن «أحد العناصر الإرهابية قام بمحاولة فاشلة للتأثير في حركة الملاحة للقناة، باستهداف إحدى السفن العابرة». وأوضح أن السفينة التي تم استهدافها كانت ترفع علم بنما ولم يحدث بها أضرار، لافتاً إلى أن القوات المسلحة تعاملت بحسم مع الموقف. وأكد أن الملاحة تسير بصورة طبيعية في المجرى الملاحي. وقال: «لا يستطع أحد النيل من مرفقنا العالمي والحدث العارض ليس له مردود سوى التأكيد على مزيد من حماية هذا المكان الحيوي، الذي يمثل لمصر شريان الخير». وعُلم أنه تم توقيف شخصين على الأقل على صلة بالحادث الذي قالت مصادر أمنية ل «الحياة» إنه تم تنفيذه باستخدام بنادق آلية، لافتة إلى أن مسلحين فتحوا النار من بنادق آلية على سفينة خلال مرورها في القطاع الشمالي من القناة. لكن مصادر محلية قالت إنه سُمع دوي انفجارات متتابعة في موقع استهداف السفينة نفسه، ما يُشير إلى إمكانية استهدافها بقذائف. وكثفت القوات المسلحة من إجراءاتها الأمنية والعسكرية لتأمين المجرى الملاحي الذي تم تمشيطه من قبل القوات البحرية. وفي سيناء، استنفرت قوات الشرطة والجيش بعد توقيف القيادي الجهادي عادل حبارة، خشية تنفيذ المسلحين عمليات انتقامية بعد اعتقال الرجل الذي يوصف بأنه مؤسس تنظيم «القاعدة» في شبه جزيرة سيناء. وأوضحت مصادر أمنية ل «الحياة» إن حبارة اعتقل وبرفقته مسلحان، وتم نقله على الفور إلى القاهرة عبر مروحية للتحقيق معه في أحد المقرات التابعة لأجهزة الاستخبارات. وأشارت إلى أن حبارة اعترف بأنه يقف خلف حادث قتل 25 جندياً بالرصاص في رفح يوم 19 آب (أغسطس) الماضي، وقام بتمثيل الجريمة التي شهدت توثيق الجنود قبل إعدامهم رمياً بالرصاص. وحبارة محكوم بالإعدام في قضية أحداث تفجيرات طابا ودهب التي نفذت عامي 2004 و2006 وراح ضحيتها 42 قتيلاً نصفهم على الأقل سياح. وهو مصري الجنسية من مواليد محافظة الشرقية في الدلتا. واعتقل في سوق شهيرة في العريش، على رغم أن المعلومات التي توافرت عنه كانت تُشير إلى اختبائه في رفح قرب منطقة الحدود الشرقية. وكثفت القوات المسلحة من إجراءاتها العسكرية قرب الحدود من قطاع غزة، وبدأت في نسف المنازل التي يُثبت أنها تُخفي داخلها فتحات للأنفاق مع قطاع غزة. وكان الجيش نبّه على الأهالي قرب الحدود الشرقية ردم أي فتحات للأنفاق في منازلهم، وإلا تم نسف النفق والمنزل. وأخلى الجيش منازل قرب الحدود بعدما تأكد وجود فتحات أنفاق فيها، وتم نسفها. في غضون ذلك، أفادت وكالة أسوشيتد برس أن السلطات المصرية أبعدت ثلاثة من أفراد طاقم قناة الجزيرة الفضائية باللغة الإنكليزية بعدما أوقفتهم لمدة أسبوع تقريباً واتهمتهم بالعمل في شكل غير شرعي. وقال مسؤول في مطار القاهرة إن مراسل الجزيرة الإنكليزية واين هاي والمصوّر عادل برادلو والمنتج رسّ فين غادروا العاصمة المصرية إلى لندن أمس. وأوقف الثلاثة يوم الثلثاء الماضي مع زميل لهم يحمل الجنسية المصرية خلال تغطيتهم التطورات في البلاد. ونقلت أسوشيتد برس عن المسؤول إنهم أُبعدوا من مصر بسبب عملهم بدون ترخيص أو إذن يسمح باستخدام أجهزة بث عبر الأقمار الاصطناعية. واعتبرت الحكومة المصرية الموقتة الأسبوع الماضي قناة الجزيرة التي تبث لمصر بالعربية، تهديداً للأمن القومي وأمرت بإغلاقها.