يسعى ذوو الميت بعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء لبدء حصر الإرث وتوزيع التركة على الورثة من أموال وأملاك، ليبقى الهاتف الجوال الذي هو بمثابة الرفيق الأقرب لأي شخص وما يحويه من أمور خاصة لصاحبه من صور، أرقام، ومعلومات بين السرية والمهمة، ضمن ما يقيم من إرث المتوفى، بين اعتباره شيئاً مهماً وثميناً له، أو كونه لا تتعدى قيمته مجرد جهاز انتهت مهمته بوفاة صاحبه. ويظل جهاز جوال الميت ذا قيمة عالية عند البعض، إذ اعتبرته السيدة سميحة أم محمد خلال حديثها إلى «الحياة» جزءاً من ابنها المتوفى، قائلة: «عندما توفي ابني طلبت من الجميع عدم المساس بهاتفه، وأن يصلني كما تركه ابني بعد آخر محادثة صدرت منه». وظلت أم محمد محتفظة به طوال الثماني سنوات، كشيء ثمين لا يقدر بمال، كونه الصاحب الأقرب في حياة ابنها. في حين ظلت أمل عسيري محتفظة بهاتف والدها الجوال بعد وفاته كذكرى مهمة تسترجع فيه لحظات حياته وتشعر بقربه منها في غيابه، مضيفة: «كنت أراقب هاتف والدي وأرى المكالمات الواردة ممن لم يبلَّغ بوفاته، وأرى من لم يقم بإزالة تحديد اسم والدي من قائمة الرسائل لديه في إرسال الرسائل إليه في المناسبات حتى توقفت الخدمة عن الجوال ليصبح ضمن قائمة أغلى ممتلكاتي الخاصة». وبين ذلك وذاك اختلفت شركات الاتصالات في طريقة التعامل مع أرقام المتوفى، إذ أوضحت خدمة العملاء لإحدى شركات الاتصال ل «الحياة» أن رقم المتوفى لا يلغى ولا تسقط الفواتير عنه حتى يتقدم أحد الوكلاء الشرعيين بإلغاء الرقم وسداد الفواتير المترتبة عليه، مشيرة إلى أنه في حال لم يتم سداد الفواتير وإلغاء الرقم تبقى الرسوم في التراكم على المتوفى إلى ما لا نهاية، بينما بينت شركات اتصال أخرى عبر خدمة العملاء ل «الحياة» أنها تسقط مبالغ الرسوم المتراكمة من بعد تاريخ الوفاة في حال إحضار الوكيل شهادة الوفاة عند إلغاء الرقم. واعتبر علماء الدين أن جهاز الجوال الخاص بالمتوفى يدخل ضمن التركة، إذ أكد الأكاديمي الدكتور عبدالعزيز عرب خلال حديثه إلى «الحياة» أن جهاز الجوال الخاص بالمتوفى يدخل ضمن ما يقيم في التركة ويدخل في التقسيم، إلا في حال إعطائه بالتراضي لشخص ما دون أخذه بالإكراه لاعتباره ضمن ما خلفه الميت للورثة، ولا يجوز ترك فاتورة هاتف الميت دون سدادها حتى يتم إبراء ذمته، ويجب على الورثة الموكلين تفويض أحدهم للقيام بذلك حتى يتم إسقاطها عن الميت لعظم أمر الدين، دون التهاون أو التخاذل في أمرها.