«حان وقت العمل الجدي لحماية المنشآت اليهودية والعاملين فيها». العبارة لم تصدر في إسرائيل، والمقصود ليس منشآت أو أشخاصاً يقيمون في الدولة العبرية، بل في روسيا. وأحدث ابتكارات «التميز» اليهودي، جاء على شكل قرار تم تنسيقه في الدوائر الأمنية الروسية والإسرائيلية لتنظيم دورات خاصة للتدرب على حماية الأشخاص والمنشآت، وإتقان فنون الدفاع عن النفس لصد هجمات محتملة على مؤسسات يهودية في روسيا. جاء هذا التطور بعد مرور بعض الوقت على اعتداء في داغستان استهدف رجل الدين اليهودي عوفاديا إسحاقوف الذي نقل سريعاً إلى إسرائيل لتلقي العلاج، بعدما أصيب بطلق ناري أدخله في غيبوبة. وعلى رغم أن بعضهم رأى في الحادث مبرراً لاتخاذ القرار، اعتبر آخرون أنه يثير تساؤلات أكثر مما يقدم أجوبة أو حلولاً. فالاعتداء الذي يشتبه في أن تكون وراءه مجموعة متشددة تنشط في داغستان، ليس فريداً من نوعه، إذ إن اعتداءات مماثلة تطاول يومياً رجال دين مسلمين وناشطين وموظفين في الدولة. لذلك، المشكلة وفق خبراء ليست في طبيعة الاعتداء الأول من نوعه بالنسبة إلى رجل دين يهودي، بل في تردي الوضع الأمني في داغستان عموماً. وهذا دفع بعضهم إلى ترجيح أن يكون الهجوم على الحاخام اليهودي سبباً مباشراً لقرار «طُبِخ منذ زمن». بعد الحادث الذي وقع نهاية الشهر الماضي، زار وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إسحاق آرونوفيتش موسكو، وعقد اجتماعاً «أمنياً» حضرته قيادة «المؤتمر اليهودي» في روسيا، وهو تنظيم قوي ذو تمويل جيد، وله أصابع طويلة جداً في كل القطاعات المالية والسياسية والإعلامية. وأسفر الاجتماع عن قرار بتنظيم دورات للدفاع عن النفس وصد الهجمات على الأشخاص والمؤسسات، على أن يشرف على هذه «الدورات» خبراء إسرائيليون ورجال أمن روس. ولدفع التنسيق مع الجانب الروسي، طرح آرونوفيتش المبادرة مع نظيره فلاديمير كولوكولتسيف وحصل على الضوء الأخضر. وتفيد معطيات نشرتها وسائل إعلام قريبة من «المؤتمر»، بأن الخبراء الإسرائيليين سيدربون رجال الدين وناشطين في المنظمات اليهودية وموظفي المراكز الثقافية والمدارس ورياض الأطفال، على طرق التصدي لهجمات وآليات الدفاع عن النفس، بينما سيشارك ممثلون عن الأجهزة الأمنية الروسية في الدورات المتوقع إطلاقها في أقرب وقت، بدروس خاصة عن أفضل السبل للدفاع عن الأبنية والمنشآت التي تتعرض لهجمات، أو في الحالات الأخرى الطارئة. وجاء في بيان أصدره «المؤتمر» أن «الوقت حان لاتخاذ إجراءات قوية وجدية لحماية المراكز الدينية والقومية والثقافية اليهودية» في روسيا، مشدداً على حتمية «التعامل الجدي مع الوضع الأمني للجالية اليهودية». ويتخوف بعضهم من أن تسفر الإجراءات الجديدة عن «استفزاز» متطرفين قوميين، في المدن الروسية. فعلى رغم أن الاعتداء استهدف الحاخام في دربند الداغستانية حيث تنشط جالية يهودية قوامها حوالى ألفي شخص، فإن الوجود الأكبر لليهود الروس هو في المدن الروسية التي لا تعاني من وجود المجموعات المسلحة المتشددة. وكانت دُور عبادة ومقابر يهودية تعرضت لاعتداءات من نوع تلطيخ الجدران بعبارات نابية، واعتبِرت من أشكال «العداء للسامية»، على رغم أن هجمات مماثلة استهدفت مقابر ومساجد للمسلمين.