أعلنت مقاطعة كيبيك الكندية أخيراً أنها ماضية في مكافحة التدخين بما فيه منع التدخين السلبي في الباحات الخارجية للمطاعم والمقاهي والحانات ومداخل المرافق الحكومية والسياحية والخدماتية والتجارية... وغيرها. وجاء التدبير المفاجئ، الذي سيترجم بقانون تصدره الجمعية الوطنية في كيبيك (البرلمان) قريباً، تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية. فقد صدر أخيراً تقرير مشترك عن مؤسسة إحصاء كندا ووزارة الصحة وجمعية السرطان أشار إلى وفاة أكثر من 6 آلاف شخص بسرطان الرئة الناتج من التدخين، وأن دخان السجائر الذي يحتوي على نحو 4 آلاف عنصر كيماوي يختزن أيضاً 70 مادة مسرطنة، وأن نسبة الشباب المدخنين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و26 سنة لا تزال مرتفعة، إذ تلامس 25 في المئة. وتزامنت الإحصاءات الأخيرة مع الضغوط المتواصلة على الحكومة الكيبيكية استناداً إلى نتائج دراسة للباحث الأميركي ريان كنيدي، وهو متخصص في الدخان السلبي في البيئات الخارجية، الذي أكد «أن تركيزات الدخان المنبعث من السجائر في تلك المساحات كانت أعلى بنسبة 10 إلى 100 مرة من الحد الأقصى لمعدل منظمة الصحة العالمية المحدد ب25 ميكروغرام لكل متر مكعب. وأشار كينيدي إلى أن التركيزات السرطانية في مونتريال كانت مماثلة لدخان الحرائق التي اندلعت في كولومبيا البريطانية أخيراً، وأسوأ من الضباب الدخاني المتصاعد في لوس أنجليس. ولفتت منظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي الأخير إلى أن ستة ملايين مدخن يموتون سنوياً بسبب «وباء التبغ»، وأن أكثر من 600 ألف من غير المدخنين يموتون بسبب التدخين السلبي. وحتى اليوم، ما زال حوالى 80 في المئة من الناس يموتون من سرطان الرئة، غالبيتهم في البلدان النامية. وحذرت المنظمة الدولية من ارتفاع ضحايا التدخين في السنوات المقبلة إلى حوالى 8 ملايين بحلول عام 2030. وكانت حكومة كيبيك عالجت آفة التدخين ب «التقسيط»، إذ لجأت قبل سنوات إلى تقسيم الصالات المغلقة إلى جناحين: واحد للمدخنين وآخر لغير المدخنين. لكن هذا التدبير لم يستمر طويلاً بعدما جوبه بموجة من التهكّم والاستهزاء لاستحالة التحكم بدخان السجائر وحصره في مكان معين، خصوصاً أن أضراره تصيب الجميع في هذا الجناح أو ذاك. وأدى ذلك إلى إلغاء هذه التدابير وصدور قانون جديد حظر التدخين في شكل صارم في أي صالة مغلقة. وعُيِّن مفتشون لمراقبة تنفيذه وفرضت غرامات مالية باهظة على المخالفين، أفراداً ومؤسسات، وما زال القانون ساري المفعول حتى اليوم. وإلى أن يصدر قانون الحظر في الباحات الخارجية قريباً، تكون كيبيك، خلافاً للدول الغربية أو العربية، شدّدت الخناق على المدخنين وأنقذت غير المدخنين من رواد المطاعم والمقاهي والملاهي الذين باتوا يتنشقون هواء طبيعياً نظيفاً لا أثر فيه لملوثات السجائر السرطانية.