ما تلبث أن تغيب قضية المتابعين الوهميين في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إلا وتعود إلى السطح سريعاً، فالتشكيك في بعض الشخصيات بأنهم ممن يقبلون على شرائهم للاستعراض والوجاهة، بقي مستمراً منذ أن تم اكتشاف وجود بعض المواقع المتخصصة في بيع هذا النوع من المتابعين، لكن آخر التطورات تمثّلت في تقلّص أعداد المتابعين لبعض من يوصفون ب«مشاهير تويتر». وصارت قضية المتابعين الوهميين الحدث القديم المتجدد، لاسيما بعد تدّخل إدارة الموقع للسيطرة على هذا العبث من خلال إيقاف بعض المتابعين الذين لا يحدثون أي تفاعل، وإنما مجرد رقم إضافي في قائمة بعض المغرّدين، وعلى رغم أن الموقع لم يضع آلية محددة للحد من هذه الظاهرة، نظراً لاعتراف إدارته سابقاً بصعوبة هذه المهمة، إلا أنها استحدثت بعض الآليات التي تسهم في التعرّف على هوية كل حساب جديد، مثل التعرّف على رقم «الآي بي»، واستحداث خاصية اختيارية تكمن في ربط الحساب برقم الهاتف الخاص. وبدأت إدارة «تويتر» في إيقاف بعض الحسابات «الخاملة»، وإلغاء قرابة 100 ألف متابع عن حساب إحدى الشخصيات الأمر الذي أدى إلى تخوّف بعض الشخصيات الأخرى سواء المشهورة أو المجهولة منها ممن امتهنوا جلب الحسابات الوهمية إليهم، لإيهام الآخرين بأنهم ممن يحظون بجماهيرية وشعبية على مستوى الموقع، فبادر عدد منهم إلى إلغاء تلك المتابعات قبل أن يكون السبق ل«تويتر» فيصبح الأمر محرجاً صادماً، تماماً كما حدث مع بعض المشاهير الذين فوجئ بعضهم بتناقص متابعيهم. ويعتبر المدوّن طراد الأسمري أن السيطرة على الحاسبات الوهمية «غير ممكنة»، إلا أنه يوضّح أن هناك جهود تبذل من إدارة الموقع لتحقيق ذلك، منوهاً بأن التفاعل مع الشكاوى التي تقدم على بعض الحسابات سواء الوهمية أم المزعجة بات واضحاً في الموقع، وبالتالي تم إيقاف آلاف الحسابات. ويقول الأسمري ل«الحياة»: «ظهرت مسألة شراء المتابعين بكثرة خلال الفترة الماضية، ما دفع إدارة الموقع إلى التدخل ووضع حد لذلك، إذ أصبحت لا تتردد في إيقاف الحسابات التي ترد ضدها مجموعة من الشكاوى، بحجة أنها لا تتفاعل ولا تمتلك أية تغريدة على رغم تسجيلها منذ فترة، أو الحسابات التي تقوم فقط بمهمة الترويج لبعض المنتجات التجارية، فأساس الموقع قائم على الأشخاص الحقيقيين والتواصل الاجتماعي فيما بينهم، لذلك حينما تظهر بعض الزيادات على مستوى المتابعين خلال مدة وجيزة، فإن الموقع يكتشف ذلك ويقوم بالإلغاء في حال اتضح أنها مزيفة»، لافتاً إلى أن ظاهرة المتابعين الوهميين لن تتوقف لكن يمكن التقليص منها. ويؤكد الأسمري أن هناك عدداً من الشخصيات الوهمية الذين استفادوا من المواقع التي تتيح بيع المتابعين، لافتاً إلى أن الشراء ينتشر أكثر لدى الحسابات العربية، مضيفاً: «الوصول في تويتر يعد أسرع من الوسائل الأخرى، لذا يلجأ البعض لشراء المتابعين، على رغم أنها مجرد وجاهة زائفة، لكن في الوقت ذاته هناك مشاهير ظُلموا بوجود المتابعين الوهميين لديهم من دون أن يستقطبوهم». ويرى مدير مجموعات مطوري «غوغل» في السعودية المهندس طاهر البلوي أنه يوجد حال من النزاع بين «تويتر» والمبرمجين الذين يجيدون إدارة المتابعين الوهميين، مبيناً أن مواقع يديرها أفراد يقومون بجمع بعض الصور من مجموعة مواقع إلكترونية لتوظيفهم عند إنشاء الحسابات الجديدة. وأضاف: «يوجد الكثير من المبرمجين الذين يعملون على إنشاء برنامج أوتوماتيكي عن طريق ما يسمّى ب«واجهة الاستخدام البرمجي»، ويعملون من خلالها على إنشاء مجموعة حسابات وهمية ويتمكّنون من التحكّم فيها وإدارتها، حتى يجعلون منها حسابات متحركة وتملك عدد من التغريدات، وذلك بهدف ألاّ يتم اكتشاف أنهم مزيفون، فمثلاً هناك شركات روسية تقوم ببيع قائمة من الحسابات البريدية على المبرمجين الذين بدورهم يعملون على إضافة حسابات بها على «تويتر»، وعلى رغم أن إدارة «تويتر» عملت على الحدّ من الظاهرة من طريق مراقبة البريد الإلكتروني والتأكد من عدم وجوده في حسابات أخرى، إضافة إلى مراقبة «الآي بي» الذي يحدد موقع المستخدم، إلا أن المبرمجين اتجهوا إلى استئجار أرقام «آي بي» تتيحها بعض المواقع في أميركا وروسيا وبعض دول أوروبا، في مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار شهرياً». ويعتبر البلوي أن «تويتر» معرّض لفقدان صدقيته في حال تزايد وجود الحسابات الوهمية وعدم الحد منها، مستشهداً بما حدث في موقع «فيسبوك» الذي تعرّض عدد من مستخدميه إلى اختراقات وبرامج «فايروسية». فيما تنوّه اختصاصية الإعلام الجديد فرح الإبراهيم إلى أن المقياس المعتمد في «تويتر» يكمن في مرات الظهور والمشاركة بالتغريدات ومستوى التفاعل معها، وليس من خلال أعداد المتابعين، مبيّنة أن عملية شراء المتابعين تتم الاستفادة منها في الأغراض التسويقية. وأضافت: «تويتر بدأ يفقد معناه الحقيقي المتمثل في التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب ظاهرة شراء المتابعين، فهناك عدد من المشاهير باتوا يحتالون في هذا الشأن من خلال شراء متابعين ليسوا خاملين، وإنما متابعون تحت السيطرة، إذ يمكن التحكّم بعدد ألف حساب من شخص واحد، وهذا الأسلوب يصعب اكتشافه من المواقع المتخصصة في قياس التأثير».