ما إن سكنت رياح العاصفة التي أثارها المغرد السعودي عبدالرحمن الخراشي، بعد كشفه مشاهير يشترون «متابعين وهميين» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قبل 9 أشهر حتى عاد الأمر إلى الواجهة مجدداً، إذ اعتبر عضو هيئة كبار العلماء عبدالله المطلق شراء المتابعين «كذباً وبهتاناً»، في حين وصف الكاتب عبدالله الغذامي هذه الحال بأنها «فساد معنوي». وبدا على السطح شيء من العودة التدريجية لاستقطاب هذا النوع من المتابعين الرقميين، خصوصاً مع انتشار مصادر بيع المغردين، حتى بات شراء عشرات الآلاف منهم بقيمة وجبة غداء لا أكثر، فالمغرّد خالد الغازي صاحب التغريدات ال17 نشر على حسابه يقول: «اشتريت 70 ألف متابع ب40 ريالاً، طيب وش استفدت؟ مجرّد رقم يتغير». وعلى رغم انكشاف أمر عدد من رواد هذا الموقع، وبينهم مجموعة من المشاهير في مختلف التخصصات والمجالات، ممن أقدموا على شراء آلاف المتابعين الوهميين بمبالغ زهيدة من خلال مواقع مجهولة المُلكية تتيح هذه الخدمة، إلا أن هذا الاهتمام عاد للظهور مجدداً في شكل لا يختلف كثيراً عن الفترة السابقة التي تخللتها ضجة واسعة في الوسط الإعلامي التقليدي والجديد. «تويتر» بوصفه مجتمعاً إلكترونياً تلتقي فيه الأفكار المتعددة، ويتم من خلاله تبادل الأخبار والمعلومات والأحاديث ذات الألوان والأشكال المختلفة ما بين جدٍ وهزل، فإن طبيعته المتمثّلة في ضرورة المتابعة والتغريد المقتضب جداً بما لا يزيد عن 140 حرفاً، صنعت تنافساً بين البعض، فأن يكون لأحدهم 200 ألف متابع مثلاً، فإن ذلك يعني أنه يتمتع ب «شعبية» تتضاعف بمضاعفة أعداد المتابعين. هذا الوصول الذي جاء نتيجة فكر أو أسلوب أو شهرة لم يرُق لبعض من أدمنوا هذا الموقع، وأضحوا لأجله مطأطئي الرؤوس في معظم أوقاتهم بحثاً عن تغريدة أو لكتابة أخرى، من دون أن يستطيعوا رفع «رصيدهم» من المتابعين، ما دفعهم إلى اتخاذ أساليب أخرى تسهم في تحقيق التوازن بين نشاطهم «التويتري» وأعداد متابعيهم بحسب زعمهم. قبل 9 أشهر، كان للمغرّد عبدالرحمن الخراشي صولات وجولات في كشف آلية شراء المتابعين وأسعارهم وماهية المواقع التي تتيحهم، إضافة إلى بعض الأسماء التي تعاملت معهم وسعت إلى رفع عدادها الخاص بالمتابعين إلى أرقام وصلت لمئات الألوف، ولولا حذر بعضهم من كشف أمره، فلربما لن يتردد في القفز به لملامسة سقف المليون وأكثر. الخراشي الذي كشف النقاب عن كل ذلك، بالصور والتجارب التي تعكس الخطوات بأكملها، أحدث زعزعة في الثقة تجاه بعض الشخصيات الإعلامية والفنية وحتى الدينية، إضافة إلى بعض الشخصيات التي لم تكن معروفة قبل ظهور عالم «تويتر»، فالجمهور الذي يقع على تلك الأرقام الفلكية كان يظن أنها انطلقت من إعجاب وتقبّل، قبل أن تتضح الأمور ويُكشف المستور، فعدد ليس بالقليل من المتابعين ما هم إلا مجرد وهم خالٍ من الفاعلية والحضور والتغريد. تباين في تفسير هذه الحال لدى عدد من الأفراد، غيرَ أنها تتفق على أنها تعكس الرغبة في البروز والظهور ليس إلا! فيصل الروقي يرى أن من لم يستطع تحقيق الوصول بفكره وأسلوبه وما يطرحه من عبارات، يريد الوصول بأسلوب مكذوب قائم على عرضٍ وطلب. فيما يعتبر محمد الفايز أن الشعور بالنقص يدفع بعض الأشخاص إلى اتخاذ خطوة الشراء علها تسد شيئاً لديه، في حين يجد صالح الجميعة أن المتابعين الوهميين لا يقتصرون على الذين تتيحهم بعض المواقع وحسب، وإنما تمتد لتطاول حتى الحملات التي يشارك فيها متابعون حقيقيون، مستشهداً بما حدث قبل فترة من حملة لزيادة متابعي رئيس نادي الهلال عبدالرحمن بن مساعد. وكان أستاذ الصحافة الإلكترونية والإعلام الجديد فايز الشهري اتهم مجموعة من الشخصيات المشهورة من السعوديين والخليجيين ممن ينتمون لعدد من المجالات، باستخدام أساليب مخالفة من خلال حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف زيادة متابعيهم. وأوضح أن بعض الشخصيات أنكرت حساباتها بعد أن تم رصد بعض الأمور المخالفة لديها، معتبراً أن أسلوب التنافس على أعداد المتابعين بين كثير من المشاهير السعوديين وغيرهم يأتي حرصاً على الشكليات، واصفاً هذا الأسلوب ب «اللعبة المكشوفة».