تجري في الكويت السبت المقبل انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الجديد وهي الثالثة خلال 18 شهراً بعدما أبطلت المحكمة الدستورية مجلسين سابقين في حزيران (يونيو) 2012 ثم في حزيران 2013 «بسبب أخطاء إجرائية». وتقاطع المعارضة الانتخابات كما جرى في الأخيرة احتجاجاً على انفراد السلطة بتغيير قانون الانتخاب في غياب المجلس. وستشهد الانتخابات محاولات سنية لخفض عدد النواب الشيعة من 17 إلى حوالى عشرة، وحتى الآن سيتنافس اثنان من الموالين على مقعد رئاسة المجلس ضمن ما يقال إنه تناقس بين العائلة الحاكمة على النفوذ. ويتوقع أن يصبح الحضر أقلية في البرلمان وان تكون الكتلة القبلية الأكثر عدداً. وكان الأمير صباح الأحمد أصدر مرسوماً عدل فيه القانون، خافضاً حق الناخب في الاقتراع من أربعة مرشحين إلى واحد فقط. واستهدف التعديل «محاربة ظواهر التعصب الفئوي»، كما جاء في مقدمات المرسوم الأميري، لكن المعارضة رأت أن الصوت الواحد زاد من الانقسامات والتعصبات. ويحق لحوالى 450 ألف كويتي وكويتية الاقتراع، لكن الإقبال سيتأثر بالمقاطعة السياسية، وأيضاً بالظروف الخاصة بشهر رمضان في جو صيفي حار للغاية. وقُسمت الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، تقدم كل منها 10 نواب، ويحاول 380 مرشحاً ومرشحة الحصول على عضوية البرلمان المؤلف من 50 عضواً منتخباً. ويقول الخبير في شؤون الانتخابات صالح السعيدي، إن «ظروف المقاطعة وخفض التصويت إلى مرشح واحد يعطي الفرصة لمرشح حاز على 3 في المئة فقط من أصوات الدائرة بالنجاح، بل حدث في انتخابات كانون الأول (ديسمبر) الماضي أن نجح مرشحون بأقل من ذلك». ورأى أن «هذه النسبة الضئيلة من الأصوات تتعارض مع مبدأ تمثيل الأمة الوارد في الدستور»، و «في ضوء القانون السابق كان المرشح يحتاج إلى 18 في المئة من أصوات الدائرة على الأقل حتى ينجح». ومقارنة بالانتخابات الأخيرة التي شهدت مقاطعة واسعة، قد تشهد انتخابات السبت مزيداً من المشاركة بسبب عنصرين: الأول الاستقطاب الطائفي، خصوصاً في الدائرة الأولى، إذ أدت المقاطعة في ما مضى والتزام الأقلية الشيعية بالتصويت، إلى رفع عدد مقاعد الشيعة من 7 إلى 17 مقعداً من أصل 50، والعنصر الثاني أن السلطة استثمرت جهوداً كبيرة بين القبائل لإقناعها بالمشاركة. ودعا شيوخ القبائل أبناء كل قبيلة إلى المشاركة ترشيحاً وتصويتاً وهي دعوة حققت تجاوباً ضمن الجمهور القبلي غير الملتزم سياسياً وفكرياً. ومن ملامح الحملة الانتخابية بروز التنافس بين نائبين سابقين من الموالين للحكومة لشغل منصب رئاسة المجلس. إذ يسعى مرزوق الغانم إلى انتزاع منصب الرئاسة من الرئيس السابق (أو المبطل حسب قرار المحكمة الدستورية) علي الراشد. ويتردد أن وراء التنافس بين الاثنين أقطاب في الأسرة الحاكمة، ويسعى كل منهم لضمان أكبر قدر من النفوذ في المجلس الجديد. وهناك فرصة لأن ينافس النائب السابق عبدالله الرومي على منصب الرئاسة لكنه يواجه صعوبات في الاحتفاظ بمقعده. وتوقع مراقبون نسبة تغيير في مقاعد المجلس تراوح بين 40 و 44 في المئة لكنهم شددوا على أن التغيير «شكلي وليس جوهرياً». وفي ما يلي عرض للأوضاع والتوقعات في الدوائر: - الدائرة الانتخابية الأولى: تشمل المناطق والضواحي الشرقية من العاصمة الكويتية ويتقاسم السنة والشيعة هذه الدائرة وسط تنافس دائم بين ممثلي الجانبين. وفي الانتخابات السابقة حصد الشيعة 8 مقاعد من أصل عشرة، لكن الآن توجد «فزعة» بين السنة لإنهاء المقاطعة وتعديل الموقف. وفي انتخابات «فرعية» لقبيلة العوازم تأهل اثنان هما مبارك الحريص ومحمد الهدية، وهناك فرص جيدة لكل من كامل العوضي وعيسى الكندري، فهذه أربع مقاعد للسنة وقد يختطف أحد النائبين السابقين عبدالله الرومي أو عبدالله الطريجي مقعداً خامساً. وركز الشيعة على نوابهم السابقين وأقوى هؤلاء فرصة هم عدنان عبدالصمد وصالح عاشور ومعصومة المبارك وفيصل الدويسان وعبدالحميد دشتي ويوسف الزلزلة. - الدائرة الانتخابية الثانية: وتشمل المناطق القديمة في العاصمة وبعض الضواحي الغربية ويتوزع ناخبوها بين 50 في المئة حضر سنة و30 في المئة قبائل سنة ونحو 20 في المئة شيعة. و نظرا لاستمرار نسبة من السنة بالمقاطعة يتوقع احتفاط الشيعة بمقعدين هنا وترشح لهما عدنان المطوع وخليل الصالح. وأبرز المؤهلين ضمن العائلات التجارية التقليدية مرزوق الغانم الطامح لمنصب الرئاسة وعادل الخرافي ورياض العدساني. ومن المستقلين رئيس المجلس السابق (المبطل) علي الراشد الذي يطمح لاستعادة المنصب. و من المتوقع حصول 3 من مرشحي القبائل على مقاعد هنا. الدائرة الانتخابية الثالثة: تضم معظم الضواحي الوسطى والداخلية للعاصمة وغالبية ناخبيها من الحضر السنة مع أقلية من الشيعة ومن القبليين. ونظراً لمقاطعة كل نواب المعارضة من هذه الدائرة، فإن المجال مفتوح لكل من عداهم لهذا اجتذبت الدائرة مرشحين تدور عليهم شبهات شراء الأصوات وتم اعتقال عدد من المتهمين بهذا الصدد. ومن أبرز الأسماء هنا نواب المجلس السابق علي العمير وصفاء الهاشم وعبدالله معيوف ونبيل فضل وروضان الروضان وأحمد المليفي. ومن الشيعة هشام البغلي، كذلك يعود النائب السابق فيصل الشايع للترشح. الدائرة الانتخابية الرابعة: تضم الضواحي الغربية للعاصمة ومدينة الجهراء وهي دائرة قبلية بالكامل، و نظراً لمقاطعة نواب المعارضة الأقوياء في هذه الدائرة، فإن هناك خليطاً غير واضح من المرشحين يحتمل فوزهم ضمن القبائل حسب التقدير التالي: اثنان من مطير، ثلاثة من الرشايدة، اثنان من عنزة، مرشح من شمر ومرشح من عشيرة «الصلبة». الدائرة الانتخابية الخامسة: تشمل الضواحي الجنوبية والشريط الساحلي، وهي مثل الرابعة، قبلية بمعظم ناخبيها لكن المقاطعة فيها تظل قوية، وهناك فرصة لأن يفوز شيعي هنا مع سني من عشيرة «الكنادرة»، والمقاعد الثمانية الباقية لخليط غير واضح من قبائل العجمان والعوازم ومطير وسواهم. عموماً مجلس الأمة الذي سيتشكل في انتخابات السبت قد يضم عشرة من الشيعة و22 قبلياً و18 من الحضر السنة. ومن المؤكد أنه -مثل سابقه- سيخلو من المعارضة التي لا تزال تراهن على استمرار تصلبها وعلى فشل أي مجلس موالي في ملء الفراغ السياسي الحالي.