شهد المسجد الأقصى في القدس هذا العام سلسلة هجمات هي الأشد من قبل قوى اليمين المتطرف في اسرائيل الساعية الى السيطرة عليه، وإعادة بناء ما تسميه «جيل الهيكل» الذي تزعم أن المسجد مقام على انقاضه. وشهدت ساحات المسجد منذ مطلع شهر رمضان الجاري سلسلة اقتحامات من قبل جماعات من المستوطنين، ورجال الدين، والقادة السياسيين، والمسؤولين في الحكومة اليمينية. وقال مسؤولون في مديرية الأوقاف الإسلامية في القدس انهم لاحظوا السنة الجارية أن رجالات دين، وقادة سياسيين، وقفوا على رأس الجماعات المقتحمة للمسجد. وقال الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية إن «الهجمات على المسجد الأقصى تتزايد بصورة غير مسبوقة، وتهدف الى فرض سيطرة الأمر الواقع في المسجد». وقال العاملون في «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» التي ترصد الانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى انهم لاحظوا تزايداً كبيراً في الاقتحامات التي يتعرض لها المسجد الأقصى كماً ونوعاً. وقال المسؤول الإعلامي في المؤسسة محمود ابو عطا إن المؤسسة رصدت أخيراً جملة من التصريحات والمواقف لنواب الوزراء والشخصيات الإسرائيلية التي تدعو الى اعادة بناء الهيكل المزعوم في باحات المسجد الأقصى. ومنها قيام وزير البناء والإسكان الإسرائيلي اوري ارئيل باقتحام المسجد الأقصى الأحد الماضي عشية ما يسمى « ذكرى خراب الهيكل» تحت حراسة أمنية مشددة، وبتغطية اعلامية من القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي. وقال ابو عطا إن التقرير المصوّر الذي بثته القناة الثانية يظهر ارئيل وهو يتجول في أنحاء متفرقة من المسجد الأقصى، ويعلن أنه يأمل ب «أن يأتي اليوم الذي تكون فيه السيادة كاملة لإسرائيل على المسجد الأقصى». وأضاف ارئيل «المسلمون يقومون هنا بما يحلو لهم من تخريب للمكان، ونحن لا يسمح لنا بدخول المكان، والصلاة فيه، الا في ساعات محددة ، فيما يسمح للمسلمين بالتواجد فيه على مدار اليوم والليلة وبأعداد غير محدودة». ومضى الوزير يقول «كنت أتمنى أن أرى الهيكل قائماً هنا ونحن نصلي ثلاث مرات في اليوم من أجل تحقيق ذلك». وأشارت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» في تقرير أخير لها الى أن دعوات الساسة والوزراء ونوابهم بتقسيم الأقصى زمانياً ومكانياً، والسماح لليهود بأداء شعائر تلمودية فيه زادت بشكل كبير، وظهرت بصورة واضحة في المسيرة السنوية التي نظمتها جماعات الهيكل المزعوم في ذكرى ما يطلق عليه «خراب الهيكل». واستعرض التقرير تصريحات العديد من المسؤولين الإسرائيليين الكبار مثل داني دانون، نائب وزير الجيش الإسرائيلي الذي شارك في مسيرة ليلية في ذكرى «خراب الهيكل» المزعوم دعا فيها الى «عدم الالتفات الى اية اصوات تدعو اسرائيل الى وقف البناء في القدس». ونقل التقرير عن دانون قوله «يجب أن لا نخاف من أحد، وليس بإمكان أي قائد او مسؤول ان يشير علينا أين نبني ومتى». مضيفاً «نحن جزء من التاريخ العريق، لنا جيشنا القوي، وإذا كان المسلمون يؤدون الصلاة بحرية في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، فإنه حري بالسماح لليهود أيضاً للصلاة فيه». ونقل تقرير «مؤسسة الأقصى» عن نائب وزير الأديان، الراب بن دهان، الذي شارك في مسيرة ليلية في تلك الذكرى قوله «الوقت حان لاستعادة السلطة الإسرائيلية على جبل الهيكل (المسجد الأقصى) من الأوقاف الإسلامية «. وكشف بن دهان عن وجود برامج وضعتها وزارة الأديان، تتيح لليهود الصلاة في المسجد الأقصى، وتقديم القرابين. وقال نائب وزير الخارجية زئيف ألكين خلال مشاركته في المسيرة «إن المسيرة ليست جديدة لأنها من التقاليد اليهودية القديمة، وتذكرنا بخراب الهيكل، وواجب المشاركة فيها لا يقتصر على أفراد اليمين، كما يقول البعض، وإنما على جميع الإسرائيليين، فهي إرث آبائنا وأجدادنا، وعلينا نحن أبناء الجيل الجديد الاستمرار بها». وأضاف «علينا أن نسعى الى إلغاء مسيرة الأبواب حول جبل الهيكل، لأنه لا حاجة لنا بالحزن على الهيكل، لأننا نستطيع بناءه مجدداً». ونقل التقرير عن عضو الكنيست السابق اريه الداد دعوته الكنيست الإسرائيلي الى سن قانون أساسي يحدد مكانة ما اسماه «جبل الهيكل» «على انه المكان الوحيد، والأكثر قدسية للشعب اليهودي، ويفرض السلطة والرعاية الإسرائيلية عليه، ويمنعها عن الأوقاف الأردنية». وأضاف «إن القانون يمنع أيضاً البناء في جبل الهيكل، ويصلح ما تم تخريبه في هذه الأيام، كما ويسمح القانون بالصلاة لليهود في الأقصى دون قيد او شرط». ودعا الى حماية كاملة للقانون من كل أعضاء الكنيست والجهات المعنية. وقالت «مؤسسة الأقصى» :» إن أحداث ما يطلقون عليه ذكرى خراب الهيكل المزعوم، وما رافقها من ممارسات وتصريحات، تؤكد بأن الأقصى في دائرة الاستهداف من أعلى المستويات». وقالت المؤسسة «إن الفعاليات، من اقتحامات للأقصى وغيرها، ومن التصريحات التي باتت تخرج من وزراء وشخصيات رسمية إسرائيلية قيادية تؤكد أن الاحتلال ما زال يحيك المؤامرات تجاه الأقصى وينتظر الوقت المناسب لتنفيذها». وحذرت المؤسسة في تقريرها من الموقف الإسلامي والعربي الفلسطيني إزاء ما يتعرض له المسجد الأقصى واصفة إياه ب «الباهت» و»الخجول». ودعت العرب والمسلمين إلى مواجهة المساعي الإسرائيلية التي تطالب وبشكل معلن ببناء «الهيكل» المزعوم على حساب المسجد الأقصى، أو التي تطالب بتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، زمانياً ومكانياً، وترتيب وتنظيم صلوات يهودية فيه. وقالت المؤسسة «إن المسجد الأقصى بكامل مساحته، 144 دونماً، بما في ذلك حائط البراق، جزء لا يتجزأ من الأقصى، وهو حق خالص للمسلمين، ولا حق لغيرهم فيه، ولو بذرة تراب واحدة».