يستعد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة العائد منذ أيام قليلة إلى الجزائر بعد رحلة علاج طويلة في الخارج، للدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء ستكون بمثابة أول نشاط رسمي له منذ عودته وأول اجتماع حكومي منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الأمر الذي فرض وضع جدول أعمال مثقل، لدرس وإقرار عدد كبير من القوانين ومراسم التعيينات، من بينها قانون الموازنة التكميلي المعجّل. وحوّلت الوزارات الجزائرية الملفات التي طلبتها رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية في انتظار تحديد موعد عقد الجلسة التي ستصرّف أمور البلاد العالقة، كما ستسحب حجة المعارضة في المطالبة بانتقال السلطة، بعد الاحتجاج على تجميد عمل الحكومة التي تُعتبر «دينامو» السلطة، بما أن كل القرارات والقوانين والمراسم والتعيينات تتم عبرها، علماً أن مجلس الوزراء لا يعقد إلا بحضور رئيس الجمهورية. ولا يحتاج الرئيس الجزائري لبذل مجهود كبير لترؤس اجتماع الحكومة، لذا يتوقّع أن يدعو إليه في الأيام القليلة المقبلة، تخفيفاً للعبء على حكومة عبدالمالك سلال التي تنتظر توقيع الموازنة التكميلية التي ستركز على الشق الإجتماعي لا سيما في جنوب البلاد، إضافة إلى التركيز على إنماء مدينة قسنطينة (شرق) التي تتحضر لتكون عاصمة للثقافة العربية بعد عامين. من جهة أخرى، وفي ما عدا الموازنة التكميلية، فإن إقرار بقية القوانين يحتمل التأجيل ويتصل بقطاعات المحروقات والمناجم والرياضة وتشديد قانون العقوبات ضد اختطاف الأطفال وقانون الاستثمار وغيرها. وتفتح الجلسة المرتقبة المجال أمام الوزير الأول عبدالمالك سلال للتحضير لانعقاد اجتماع «الثلاثية»، حيث تلتقي الحكومة مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل، وعادةً ما تُتخذ خلاله اجراءات اجتماعية في مجال مراجعة الأجر القاعدي وظروف العمل والقواعد الضابطة للاستثمارات العامة والخاصة. بيد أن حاجة الدولة لتصريف الشؤون اليومية بعقد مجلس الوزراء، لا تنفي حاجة بوتفليقة إلى تسجيل نقاط ضد خصومه بتسلم زمام المبادرة بعد تمكنه من تجاوز مرحلة توحدت فيها أحزاب المعارضة على ضرورة انتقال السلطة. وقد تكون هذه المعطيات الجديدة وراء التحول البارز في خطاب «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، إذ قال رئيسها عبدالرزاق مقري أمس في افتتاح جلسة مجلس الشورى: «لا نملك أن نتحدث عن المادة 88 من الدستور لأننا لا نعرف وضعه الصحي (بوتفليقة) ولا نملك الصلاحية والكفاءة لنحقق في ذلك سوى أن نطالب بالشفافية». وأضاف: «ثم نمضي لنسأل عن أوضاع سياسية أخرى هي من صلاحيتنا، لنسأل هل الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون حرة ونزيهة بغض النظر عمن يفوز على اثرها؟». وتحاول الحكومة نشر الانطباع بأن عودة بوتفليقة إلى بلاده من أجل الاستمرار في فترة «النقاهة والتأهيل» كما وصف بيان سابق لرئاسة الجمهورية، لا يعني انقطاعه عن متابعة الشأن الداخلي والدولي. وأعلنت وزارة الخارجية، أمس، أن بوتفليقة قرر إرسال مساعدات إنسانية للاجئين السوريين في الأردن وذلك تجسيداً لروح التضامن في الشهر الفضيل. وأضافت أن هذه المبادرة تأتي ك «دعم للمجهودات التي تبذلها المملكة الأردنية الشقيقة في استقبال اللاجئين السوريين والتكفل بحاجياتهم الأساسية».