بدأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عقد جلسات استماع للوزراء والولاة في قصر المرادية في العاصمة، تدشيناً لعودته إلى النشاط الرسمي بعد فترة غياب استمرت شهراً. لكن المعارضة انتقدت الخطوة في شدة، متهمة الرئيس ب «تجميع الصلاحيات في يديه»، خصوصاً أن مساءلة الحكومة من بين مهام البرلمان. وترأس بوتفليقة اجتماعاً مصغراً مساء أول من أمس لتقويم قطاع الموارد المائية، في إطار الجلسات التي يعقدها سنوياً للاطلاع على الأنشطة الحكومية. غير أن «استجواب» الوزراء هذا العام يشكل، بحسب مصادر مطلعة، مقدمة لتعديل حكومي. وتزامنت أولى جلسات الاستماع إلى فريق حكومة أحمد أويحيى مع عقد مكتب المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) اجتماعاً لتسجيل إيداع مشاريع قوانين تتضمن الموافقة على ثلاثة أوامر رئاسية من بوتفليقة، أحدها يتعلق بقانون المال والثاني بقطاع المياه والآخر بتنظيم المرور. وبموجب الدستور الجزائري، فإن البرلمان لا تحق له مناقشة الأوامر الرئاسية، لكن يمكنه عقد جلسة للتصويت عليها. وانتقدت «حركة النهضة» الإسلامية «صورة النظام الرئاسي الذي لا دور فيه للبرلمان». وقال القيادي في الحركة النائب محمد حديبي ل «الحياة» إن «الوزراء باتوا مسؤولين أمام الرئيس، فيما البرلمان يتولى مهمة إدارية لا تتعدى تسجيل الأوامر الرئاسية». وأكد مصدر قريب من الرئاسة أن بوتفليقة قد «يستدعي بالإضافة إلى الوزراء بعض ولاة (محافظات) الجمهورية». وتصدر الرئاسة عقب جلسات الاستماع بيانات صحافية تنشرها وكالة الأنباء الجزائرية، أكثر ما يميزها الحشو المفرط لأرقام اقتصادية وتوصيات من الرئيس في ختام الجلسة من دون نقل لحيثياتها. وترى المعارضة أن بوتفليقة يتجه إلى «إلغاء المجلس والاستئثار بدور الرقيب على الحكومة»، إضافة إلى «الصلاحيات الواسعة التي ضمنها لنفسه بالتعديلات الدستورية الأخيرة». وأقرت تلك التعديلات صلاحيات تجلت في ترسيم تهميش دور البرلمان، وتقليص دور الحكومة إلى حد كبير، وجعلها مسؤولة أمام الرئيس وليس أمام ممثلي الشعب. والملاحظ أن تركيز كل السلطات والصلاحيات بين يدي الرئيس لم يترجم على أرض الواقع، إذ يعزف الرئيس عن تصريف شؤون الدولة، خصوصاً انه ألغى تقريباً اجتماعات مجلس الوزراء الذي يتولى إصدار مراسيم تعيين المسؤولين وإنهاء عملهم، وإعطاء الضوء الأخضر للمشاريع والمهام الرسمية. ولاحظت المصادر أن بوتفليقة دفع بالوزير عبدالمالك سلال، وهو أحد القريبين منه، ليكون موجوداً في كل الجلسات دون غيره من الوزراء، وهو ما جعل مراقبين يذهبون إلى اعتبار أن سلال يحظى بثقة الرئيس وهو ما يؤهله للحفاظ على كامل حظوظه للبقاء في الحكومة.