خطت إسبانياً قدماً في اتجاه الانفتاح على المغرب وتفهم مواقفه إزاء أزمات سياسية إقليمية. وأكد بيان مشترك صدر في اختتام زيارة العمل الرسمية التي قام بها العاهل الإسباني خوان كارلوس للمغرب تطابق وجهات نظر البلدين حيال قضايا إقليمية ودولية. وشددا على «ضرورة بناء اتحاد مغاربي متضامن لمواجهة التحديات». كما جدد البلدان دعمهما جهود الأممالمتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي، عادل ودائم ومتفق عليه لإنهاء نزاع الصحراء. وجاء في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية إن «إسبانيا تؤكد دعمها الجهود السياسية المبذولة في إطار الأممالمتحدة لإيجاد حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين لقضية الصحراء وفقاً للمعايير التي وضعها مجلس الأمن». ورأى مراقبون أنها المرة الأولى التي يحدث فيها تطابق بين الرباط و مدريد إزاء سبل إنهاء النزاع، بخاصة وأن إسبانيا تعتبر المستعمر السابق لأقاليم الساقية الحمراء ووادي الذهب التي انسحبت منها مطلع العام 1976، على خلفية إبرام اتفاق مدريد. ولعب العاهل الإسباني خوان كارلوس دوراً حيوياً في التوصل إلى اتفاق أبرم بينما كان الجنرال فرانكو على سرير الموت. وزار الأمير كارلوس قبل توليه عرش بلاده المحافظات الصحراوية بضعة أسابيع قبل ذلك الانسحاب، داعياً جيش وإدارة بلاده إلى تفهم المرحلة الدقيقة التي كانت تجتازها إسبانيا. وحل (ا ف ب) العاهل الإسباني الاثنين في العاصمة الرباط برفقة خمسة من وزراء الحكومة الإسبانية وتسعة من وزراء الخارجية السابقين، وعدد من رجال الأعمال والمنظمات، وسبق الزيارة مصادقة مدريد على اتفاق للشراكة الإستراتيجية مع المغرب. وتزامنت زيارة العاهل الإسباني بدعوة من ملك المغرب محمد السادس، في مرحلة اشتدت فيها الأزمة الاقتصادية في إسبانيا، وتجاوزت نسبة البطالة 25 في المئة. ونشر بنك إسبانيا الأربعاء أرقاماً كشفت ان الدين العام في إسبانيا وصل الى 937.334 بليون يورو، أي ما يناهز 89.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، وسط توقعات للحكومة باستمرار ارتفاع الدين الداخلي خلال هذه السنة ليصل الى 90.5 في المئة. أما في المغرب فقد فاق عجر الميزان التجاري العام الماضي 7 في المئة وسط توقعات بخفضه الى 5.5 في المئة، في حين قارب الدين العام 60 في المئة من الناتج الداخلي الخام. وتتواجد في المغرب أكثر من 1000 شركة اسبانية، فيما تربط 20 الف شركة اسبانية علاقات تجارية مع المغرب، وتستحوذ المملكة المغربية على 52 في المئة من مجموع الاستثمارات الإسبانية في القارة الأفريقية. وأصبحت إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب خلال 2012، حيث فاقت قيمة الواردات المغربية من إسبانيا 50.3 بليون درهم (4.5 بليون يورو) بزيادة قاربت 30 في المئة مقارنة ب 2011، بينما بلغت الواردات المغربية من فرنسا 47.8 بليون درهم (4.3 بليون يورو)، حيث تراجعت ب 6 في المئة. وتنطلق يومي 18 و19 تموز (يوليو) الجاري الجولة السادسة من المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول تجديد اتفاق الصيد البحري الذي يعد أسطول الصيد البحري الإسباني أول مستفيد منه. على صعيد آخر، أبدى رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران انزعاجه من موقف حزب «الاستقلال» الذي أقر الانسحاب من حكومته، ووصف ذلك بأنه «طعنة من الخلف»، مبدياً استغرابه حيال التنكر لالتزامات مشتركة في البرنامج الحكومي. وكشف رئيس الحكومة أنه لم يرفع استقالات وزراء الحزب إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد. لكنه لم يؤكد إمكان الدخول في حوار والحليف الاستقلالي السابق لحضه على معاودة النظر فيها. وذهبت مصادر في «العدالة والتنمية» إلى تأكيد استعداد الحزب الإسلامي لفتح صفحة جديدة مع الشريك المحتمل «تجمع الأحرار» بقيادة وزير المال السابق صلاح الدين مزوار. ويحتاج الائتلاف الحكومي الراهن إلى حليف يعوّض «الاستقلال» بعد انسحابه، لإكمال الغالبية النيابية. وحاز حزب حميد شباط على الرتبة الثانية في الاشتراعيات السابقة بحوالى ستين مقعداً، يليه «تجمع الأحرار»، ما يعزز فرضية أن يكون الأخير في مقدم من يخلفون «الاستقلال» في الحكومة لكن في إطار توافق عسير يطاول منهجية العمل الحكومي وبرنامجه وتوجهات المرحلة المقبلة.