لليوم الرابع على التوالي، تصاعدت أمس حدة المواجهات بين قوات الحرس المدني الإسبانية ومتظاهرين يتحدرون من أصول مغربية في ضواحي مدينة مليلية يحتجون على خطة جديدة أقرتها الحكومة المحلية للتوظيف اعتبروها «انتقائية وإقصائية»، فيما أحيل على القضاء ثمانية شبان، من بين 11 معتقلاً على خلفية التظاهرات، وجهت إليهم اتهامات بالضلوع في أعمال شغب. وقال شهود عيان إن التظاهرات تخللتها مواجهات بين الشبان وقوات الأمن شارك فيها أكثر من 200 شاب عاطل من العمل، رددوا شعارات تدعو الحكومة المحلية إلى معاودة النظر في «خطة الإقصاء». وسارعت السلطات المحلية إلى فرض حصار أمني على الأحياء التي كانت مسرحاً للتظاهرات، فيما أرسلت حكومة مدريد تعزيزات أمنية لتطويق الانفلات الحاصل الذي يعتبر الأول من نوعه. واستخدمت قوات الحرس المدني القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا يرشقونها بالحجارة. وتحدثت مصادر رسمية في الرباط أمس عن «احتمال أن يكون أحد الشبان المغاربة الذين شاركوا في تظاهرات مليلية التي تحتلها اسبانيا شمال البلاد فارق الحياة»، غير أنه لم يتسن التأكد من ذلك من مصادر إسبانية. وجاء اندلاع الأحداث عقب تعرض شبان مغاربة للضرب والتنكيل على أيدي القوات الإسبانية، عندما كانوا في زيارة للمدينة. وبررت القوات تلك الأعمال التي أدت إلى إصابة بعضهم بجروح متفاوتة الخطورة، بأنهم كانوا يرفعون على السيارة التي تقلهم أعلاماً مغربية، بيد أن الأزمة الناشئة بين المغرب وإسبانيا على خلفية هذه الأحداث تم تطويقها سياسياً، بعدما طالبت الخارجية المغربية بفتح تحقيق في ملابساتها. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتمع مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو في نيويورك على هامش مشاركته في مؤتمر «الأهداف التنموية للألفية». وأقر البلدان آنذاك خطة للتعاون والتفاهم، ينتظر أن تقر خلال عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، بيد أن قمة كانت تقررت بين العاهلين المغربي والإسباني خوان كارلوس لم تلتئم بعد. ويطالب المغرب حكومة مدريد ب «الدخول في حوار للبحث في مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، على أرضية عودتهما إلى السيادة المغربية، مع ضمان المصالح الاقتصادية والتجارية لإسبانيا»، لكن مدريد لم ترد على هذا الاقتراح، واكتفت مرات عدة بتأكيد أن معاهدة الصداقة وحسن الجوار المبرمة بين الرباطومدريد في مطلع تسعينات القرن الماضي تشكل «الإطار الملائم لدرس الملفات العالقة كافة». ومعلوم أن العلاقة بين مدريدوالرباط تحولت ورقة ضغط في الانتخابات الإسبانية، إذ انتقد «الحزب الشعبي الإسباني» حكومة ثاباتيرو، واتهمتها بالإذعان لضغوط الرباط. ولا تستبعد مصادر مغربية أن تكون جهات معينة حركت الشبان الغاضبين في إطار الصراع السياسي الدائر بين الحزبين الرئيسين في المعارضة والحكم. إلى ذلك، أعلنت وزيرة خارجية إسبانيا ترينيداد خيمينيث أن أول زيارة لها خارج إسبانيا بعد تعيينها ستكون إلى الرباط في إشارة لإبداء حسن النية. ويربط مراقبون بين الزيارة المرتقبة وبدء التساؤلات في شأن مصير اتفاق الصيد الساحلي بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي ينتهي قريباً، خصوصاً أن أسطول الصيد الإسباني يعتبر الأكثر إفادة من الاتفاق.