تمر العلاقات المغربية - الإسبانية بأزمة جديدة انتقلت الى وسائل الإعلام بعد أحداث العيون في الصحراء، وموقف الحزب الشعبي الاسباني المناوئ للرباط، والمعارض لأي تغيير في وضعية مدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما اسبانيا على البحر الأبيض المتوسط. وأرجأت نقابات عمالية إضراباً كان مقرراً أول أمس في عدد من الشركات الاسبانية العاملة في المغرب احتجاجاً على المواقف «غير الودية»، التي عبرت عنها منظمات اسبانية تجاه حقوق المغرب في الصحراء، وفي عدد من المدن المحتلة في الشمال، التي بدأت تغادرها شركات استثمارية ومصارف تجارية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها تلك المدن التي يعود استعمارها إلى سقوط الأندلس. وأوضح وزير المال والاقتصاد المغربي صلاح الدين مزوار، ان الحملة الاسبانية ضد المغرب أسبابها اقتصادية بالدرجة الأولى، نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها مدريد، وخوفها من تحول المغرب إلى مستقطب للاستثمارات الخارجية في المنطقة، وزيادة النمو الاقتصادي الذي يقدر متوسطه ب5 في المئة، في مقابل وضع اقتصادي صعب في اسبانيا، التي تحتاج إلى 90 بليون يورو كتمويلات خارجية لمواجهة الأزمة، على غرار اليونان وإرلندا والبرتغال، ما يزيد الضغط على اليورو ويهدد مستقبله. واعتبر الوزير المغربي أن الأزمة العالمية تُعجل في تغيّر الخريطة الاقتصادية إقليمياً ودولياً، وهناك دور متصاعد للاقتصادات الناشئة، منها المغرب، الذي اعلن انه تُضاعف ناتجه الإجمالي كل ثماني سنوات. وسيباشر العام المقبل العمل ب «السوق المالية الدولية» في كل من الدارالبيضاء وكازابلانكا سيتي، لجذب الاستثمارات السيادية والخاصة إلى المغرب وبقية إفريقيا. وأضاف الوزير ان المغرب حصل على قروض من السوق الدولية بشروط أفضل من تلك التي حصلت عليها اسبانيا واليونان، وهناك تفضيل للاقتصادات الناشئة على الكبيرة التي تواجه أزمات في النمو والتمويل. وقدّر مشاريع البنية التحتية ب 567 بليون درهم (70 بليون دولار) في زمن الأزمة العالمية ( 2008 -2011)، في إشارة للمستثمرين إلى مباشرة المغرب الإعداد لمرحلة ما بعد الأزمة العالمية، والتحول إلى قطب إقليمي في المجالات المالية والتجارية والصناعية والتكنولوجية والسياحية. وتبني الرباط موانئ ضخمة لتجارة «إعادة التوزيع الإقليمي» على البحر الأبيض المتوسط، تعتقد مدريد أنها تهدد مصير مدينتي سبتة ومليلية، وتُقلل من دور ميناء الجزيرة الخضراء، وكانت عائدات تلك المدن تقدر ب 4 بلايين دولار سنوياً من تجارة التهريب وحركة تنقل المسافرين والسياحة الدولية نحو المغرب وبقية شمال إفريقيا. ويعتقد محللون أن بداية تشغيل تلك الموانئ في ظل الأزمة الاسبانية، يدفع السكان الإسبان للانتقال إلى شمال البحر الأبيض المتوسط، وهو موقف يعارضه الحزب الشعبي المسيطر في المدينتين. وأُعلن عن إفلاس 1400 شركة تجارية وصناعية محلية، وإغلاق فروع البنك المركزي الإسباني، بسبب الأزمة الاقتصادية وانخفاض التعاملات المصرفية في المدينتين المقابلتين لجبل طارق، واللتين يطالب بهما المغرب.