ليس الدافع وراء الكتابة عن المسلسل الكوميدي الفلسطيني «وطن ع وتر» سوى موضوعة إحدى الحلقات التي أطل بها في هذا الموسم مؤلف وممثل الدور الرئيس عماد فراجين. ففي الحلقة المعنونة «فافيز وطنطات» ثمة مجتمع ما، وثمة موضوعة تنتمي الى هذا المجتمع تدعو الى التلصص طالما انها تتعلق بظاهرة تخضع للتهميش والاقصاء والمحاربة بحسب درجة تطور وتقبل كل مجتمع لها. لكنّ هذا ليس بيت القصيد بالنسبة الى الحلقة طالما لا يمكن نقدها إلا لأنها تطل من باب التهريج الغث، وكونها تخضع لتنميط قاس يقوم على خلفية نظرة المخيلة الشعبية التي يفترض تصويرها ومحاكمتها. فما يفعله الممثل الرئيس باعتباره كاتباً لنصوص المسلسل، لا يعدو كونه معالجات ساذجة وفقيرة لقصص من هذه النوعية التي تضع المشاهد في حيرة من أمره، وهو يطل على «مخيلته» التي يبدأ بها تصوراته عن شخصيات لم تكن ممكنة متابعتها إلا بهذه الطريقة التي تشوبها الأخطاء النفسية والاجتماعية بالنظر الى غياب ثقافة الكشف التي يعانيها معظم المجتمعات العربية. فحتى اللحظة لا تزال قصص «المثليين» غامضة، وليست هناك مرجعيات تعين في تعميق التصور عنها بخاصة أنها ظواهر منتعشة في بعض المجتمعات كما قد يذهب بعض علماء النفس. والأكيد أن الإسراف في تفسير هذه الظواهر ليس غاية هذه الكلمات، طالما أن الأحكام التي تطلق على هذه الفئة هي دائماً أحكام مسبقة وتكاد تكون قاطعة. ويحدث هنا الأمر ذاته حيث لا تسعف مخيلة القائمين على «وطن ع وتر» الموضوع من غائلة التصورات الشعبية التي ينظر معظمها إلى المثليين كونهم «مخلوقات منحطة» لا تخضع لأي نوع من المحاكمات العقلية والتربوية السليمة. وتجيء الحلقة المشار إليها لتعزز هذا الشعور. ولم يقف مؤلف الحلقة وممثلها عماد فراجين عند حدٍ في نقل تصوراته الشخصية عن «الغلام المخصي» متماهياً مع مخيال شعبي متصوّر، يقف عند حدود التلصص العادي على شخصيات مهمشة في مجتمعات تعاني من قلة التسامح تجاهها. فلا يعدو ما يفعله أن يكون تشجيعاً على تعزيز هذا التوجه. فالصديقان سمير وتامر اللذان يعبران الشارع ويثيران شخصاً بسبب سلوكهما ويجتران كلاماً عادياً مبتذلاً، لا ينبغي أن يكونا من يقرر لنا ذائقة درامية معقولة. إنهما ليسا مطالبين باجتراح معجزة هنا، لكن التهريج قد يؤذي طالما أن النفخ الدرامي من حولهما هو سيد الحلقة، لا سيما حين يكون ذلك فبركة «تظاهرة سلمية» لهما مع مجموعة من «المثليين» للمطالبة بحقوقهم، تنتهي بانفجار اطار سيارة المتحرش بهم وفي اعتقادهم أن صاروخاً انفجر بالقرب منهم، حتى تتفرق التظاهرة ويبقى المشاهد في حيرة من أمره عما اذا كان يشاهد كابوساً كوميدياً مفرحاً أو مزعجاً الى درجة الاغماء.